استقطاب العقول العالمية
تسعى المملكة العربية السعودية، من خلال رؤيتها الاستراتيجية لعام 2030، إلى جذب العقول والخبرات المتميزة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والفنون، حيث تُعتبر العنصر البشري جوهر أي نهضة تنموية. ومن خلال الاستثمار في العقول، يُعد هذا الجهد جزءًا أساسيًا من تطوير مجتمع قائم على المعرفة. قامت المملكة بإطلاق عدد من البرامج والمبادرات مثل برنامج استقطاب الكفاءات التابع لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، الذي يهدف لجذب العلماء والباحثين من جميع أنحاء العالم للعمل في الجامعات ومراكز الأبحاث. ووفقًا للتقارير الصادرة عن وزارة التعليم لعام 2025، نجحت الجامعات السعودية في استقطاب أكثر من 2500 باحث وأستاذ جامعي بارز خلال السنوات الثلاث الماضية، بالإضافة إلى تجاوز عدد المشاريع البحثية المشتركة مع جامعات عالمية مرموقة 1200 مشروع، في مجالات الطاقة المتجددة، الذكاء الاصطناعي، الطب الحيوي، والفضاء، مما يعزز توجه المملكة نحو إنشاء مجتمع معرفة يسعى للاستفادة من التعاون وتبادل الخبرات مع الحفاظ على قيمها وثقافتها الوطنية.
استقطاب الكفاءات العالمية
ساهمت برامج الابتعاث النوعي والمراكز البحثية المشتركة ومبادرات الجامعات الذكية في تعزيز مستوى الكفاءات المحلية، مما أدى إلى تحسين تصنيف الجامعات السعودية عالميًا، حيث تمكنت من دخول قائمة أفضل 200 جامعة وفق تصنيف “QS” لعام 2025. يمثل هذا الانفتاح خطوة استراتيجية نحو بناء اقتصاد متنوع يعتمد على المعرفة، إذ حققت الأنشطة المعرفية والتقنية نسبة 12% من الناتج المحلي الإجمالي، مع توقعات لارتفاع هذه النسبة إلى 20% بحلول عام 2030، وفقًا لتقارير وزارة الاقتصاد والتخطيط. ومع هذا الانفتاح، تواصل المملكة الترويج للحفاظ على هويتها الوطنية كإطار يقود تقدمها العلمي والتقني، من خلال تعزيز القيم الثقافية واللغة العربية والهوية الإسلامية في كافة مجالات الفكر والعلم.
تمتاز التجربة السعودية لاستقطاب العقول بقدرتها على خلق توازن بين الأصالة والمعاصرة. هي تشير إلى نموذج انفتاح مدروس، يضمن الاستفادة من العقول العالمية دون فقدان الهوية الثقافية، ويوفر بيئة تشجع الحوار والإبداع. بفضل الفرص التمويلية وبرامج الدعم، أصبحت المملكة وجهة مفضلة للباحثين والعلماء، مثل مركز الابتكار وريادة الأعمال بجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، الذي يستقطب العقول من أكثر من 40 دولة، مما يعزز من التطور المستدام في الفكر والإبداع، ويساهم في تأسيس مجتمع Knowledge منفتح على العالم ويعتز بقيمه وهويته.

تعليقات