العراق يحظر الألعاب الإلكترونية: نهاية عصر بوبجي وفورتنايت وروبلوكس

التحديات الرقمية في العراق

يتجلى في العراق مشهد رقمي يعكس حالة من الفوضى، يقوده جيل ينشأ بين شاشتين؛ هاتف ذكي يقدم له المتعة اللحظية، وقرارات حكومية تسعى للحد من انغماسه في ألعاب لم تعد مجرد تسلية بل أصبحت سلوكًا اجتماعيًا يشابه الواقع. بينما تناقش مؤسسات الدولة إمكانية فرض حظر شامل على ألعاب مثل “بوبجي” و”فورتنايت” و”روبلوكس”، يؤكد المختصون أن الحل يكمن في الإصلاح من الداخل وليس المنع من الخارج.

البدائل الفعالة للتصدي للإدمان الرقمي

يوضح علي العبادي، رئيس مركز العراق لحقوق الإنسان، أن هذه الظاهرة تتجاوز حدود مجرد الألعاب إلى بنية ثقافية كاملة تعاني من غياب أدوات الرقابة والتربية الرقمية. وفي تصريحه لـ”بغداد اليوم”: “الألعاب الإلكترونية ليست سلبية بذاتها، بل المشكلة تكمن في غياب الوعي وسوء الاستخدام. الحظر الكامل لن يُنتج مجتمعًا واعيًا بل سيدفع المستخدمين للبحث عن طرق غير مشروعة لتجاوز المنع. الحل الفعلي هو تعزيز الثقافة الرقمية والرقابة الذكية، وليس الاعتماد على أسلوب القمع.” ويشدد العبادي على أن “الدولة لا يمكنها إغلاق الإنترنت، لكنها تستطيع تنظيم السلوك”، مشيرًا إلى أن التجارب في الدول الأخرى أثبتت أن الحل يكمن في تقييد الاستخدام وتوجيه المحتوى بدلاً من القرارات التعسفية.

من جهة أخرى، يتحدث فالح القريشي، المختص في علم النفس، عن تحول “الطفل العراقي” من كائن اجتماعي إلى كائن افتراضي، ويرى أن هناك حالة من إدمان الشاشات التي تشبه الإدمان الكيميائي. ويشير إلى أن الاستخدام المفرط يؤدي إلى فقدان المهارات التعليمية وتراجع التحصيل الدراسي، حيث أن الطفل الذي يقضي وقتًا طويلاً أمام الشاشة يفقد القدرة على التركيز، مما يؤثر على تفاعله الاجتماعي.

في ذات السياق، يشير فاضل الغراوي، رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان، إلى المخاطر التي تطرحها الألعاب مثل “روبلوكس”. ويدعو إلى وضع تشريعات لحماية الأطفال من التفاعلات السلبية عبر هذه المنصات. وفي تعليقات مساعد وكيل وزارة الداخلية، منصور علي، تتجه وزارة الداخلية نحو خطوات حقيقية لحظر هذه الألعاب استنادًا إلى القوانين المجرمة للألعاب العنيفة، لتقليص الأثر السلبي على الأطفال والمراهقين.

في الأبعاد السياسية، تم تقديم مقترح من قبل رئيسة لجنة الثقافة والإعلام النيابية لحظر الألعاب الإلكترونية التي تشجع على العنف، فيما يراقب المراقبون هذه الخطوة ويعتبرونها ضرورة لضبط المجال الافتراضي. مع ذلك، يتطلب أي تشريع جديد أن يُرفق بسياسات تربوية وإعلامية، حيث أن حظر الألعاب دون إرساء ثقافة رقمية واعية سيظل إجراءً غير مجدٍ. وفي الختام، يبقى التركيز على ضرورة بناء وعي مجتمعي يوازن بين الاستخدام والترفيه، مما يضمن بيئة رقمية صحية للأطفال في المستقبل.