تمسك الإخوان بمكاسب تاريخية
من الصعب بل ومن المبكر أحياناً الحكم على أفكار وآليات تفكير جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من تنظيمات الإسلام السياسي، ومدى إيمانهم بالدولة الوطنية وقدرتهم على الاندماج ضمن المنظومة الوطنية. يعود ذلك إلى تاريخهم الغامض والمعقد والذي تحفه الكثير من الشكوك. فالعديد من الدول التي تحررت من الاستعمار الغربي بقيت تعاني من آثار ذلك، حيث ترك الاستعمار بعض المناطق الحدودية الإشكالية التي يمكن أن تؤدي إلى صراعات.
إذا طرحنا سؤالاً على أعضاء جماعة الإخوان وتنظيمات الإسلام السياسي، حول ما إذا كانوا يعملون وفق توجيهات محددة أو تجريهم ظروف معينة، ستكون الإجابات مثيرة للجدل. إن كانوا يُسيَّرون، فما السبب في عدم دعمهم من قبل مؤسسيهم ورعايتهم منذ عام 1928؟ وإن كانوا مُخيَّرين، فلماذا لا يجعلون من أنفسهم جزءًا من الحل في أوطانهم بدلاً من ممارسة السيطرة أو التحدي؟
على الرغم من ادعائهم عدم الطموح للوصول إلى الحكم، إلا أن تاريخهم يشهد على العكس، خاصة بعد أن فقدوا الحكم في مصر. إن كانوا يتطلعون إلى كرسي الرئاسة، فما هي الشرعية التي يستندون إليها؟ لماذا يسعون لتحقيق أهداف تبدو بعيدة المنال وقابلة للنقاش؟
تغفل هذه الجماعات أن وجودها كمجموعة لا يتماشى مع تطلعات المجتمعات المتنوعة والتي تتكون من أفكار وعقائد وثقافات متعددة، وسيكون من المستحيل فرض ثقافة واحدة أو نظام معين على مجتمع متنوع بالكامل. يريد الإخوان أن يكونوا جزءًا مؤثرًا من الحياة اليومية، حيث تمكنوا من تثبيت أنفسهم في مختلف مؤسسات المجتمع، مثل التعليم والإعلام والدعوة، وبالتالي أصبحوا سلطة موازية.
التحديات أمام الإخوان
إنهم لا يحضرون أنفسهم للتخلي عن هذه السلطة أو التراجع عنها، فهو حلم يستمر في الازدهار وسط أحلام يقظة تراودهم. التوازن بين العائلة والمجتمع والدولة هو ما يسعى إليه الإنسان الطبيعي، والذي يحظى باستقرار وأمن. تتطلب المجتمعات وجود دولة تضمن حقوق مواطنيها وتعزز كرامتهم. الدين والفكر يجب أن يُعزز في بيئة تحب وتقبل الآخر وليست عبر الإقصاء أو العنف.
لا يمكن لجماعة أن تحلم بكونها الوصي على مصير الآخرين، فهذه عقلية تحكم من قرون مظلمة. إن الذين يختارون أن يكونوا جزءًا من هذا التنظيم يدفعون ثمنًا باهظًا، وأحياناً يسقطون ضحية لتطلعات غير مشروعة. لذا يجب أن يكون الحكم نتيجة لاختيار المجتمع، وليس مجرد تطبيق فكرة دين أو عقدية معينة. الرؤية السياسية يجب أن تكون واضحة، وأن تتماشى مع مصالح المجتمعات بدلاً من تحقيق أهداف جماعية تخدم بعض الأفراد فقط.

تعليقات