المرجعية تعلن موقفًا جديدًا من انتخابات تشرين 2025 بوضوح أكبر

المرجعية وتوجهها تجاه الانتخابات في العراق

شهد العراق جدلاً جديداً بعد اعتذار معتمد المرجعية الدينية العليا في البصرة، علي محمد رشاد المظفر، عن خطبة الجمعة التي دعا فيها إلى المشاركة في الانتخابات، حيث أشار إلى قوائم معينة لا ينبغي انتخابها. هذا الاعتذار أعاد النقاش حول موقف المرجعية من الانتخابات وعلاقتها بالسياسة في البلاد.

موقف المرجعية من العملية الانتخابية

في خطبته، صرح المظفر بأن انتخاب القوائم التي لا تدعم الحشد الشعبي أو التي تتنازل عن أراضٍ عراقية يعتبر غير مقبول. كما اعتبر الانتخابات وسيلة للتغيير من أجل حماية العراق. ومع ذلك، سرعان ما أتى اعتذاره بعد نشر مقطع يوضح فيه أن دعوته كانت تعبر عن رأي شخصي وليس موقفاً رسمياً للمرجعية، مما يظهر حرص المرجعية على عدم الانحياز لأية توجيهات انتخابية.

هذا الاعتذار يعكس سياسة المرجعية العليا في البقاء بعيدة عن أي انحياز سياسي، حيث تترك حرية الاختيار للمواطنين وفقاً لمصالحهم الوطنية. وقد أشار الخبراء إلى أن المرجعية تتعامل منذ فترة طويلة مع الانتخابات باعتبارها وسيلة مدنية لا دينية، مؤكدة على دورها في التذكير بالإصلاح ومكافحة الفساد من دون دعم أي جهة معينة.

منذ 2003، عملت المرجعية الدينية العليا في النجف على إرشاد الضمير العام دون أن تصبح فاعلاً سياسياً مباشراً، حيث طالبت بإجراء انتخابات حرة، وشجعت على المشاركة، لكنها لم تؤيد أي قائمة انتخابية. هذا النهج تجلى في مواقف سابقة، حيث تكرر التأكيد على أن موقفها هو إرشادي، وتترك الخيار للناخب حسب قناعته ودوافعه.

في السنوات الأخيرة، اتجهت المرجعية نحو تعزيز مبدأ الحياد، وقد لوحظ ذلك بوضوح في الانتخابات الأخيرة، حيث التزمت الصمت تجاه أي دعايات انتخابية، مما يفسر كخيار لزيادة الاستقلالية. ويرى المراقبون أن موقف المرجعية يقوم على إدارة “مسافة واعية” من العملية الانتخابية، مما يعني أنها تؤمن بأهمية الديمقراطية ولكن دون الحاجة للدخول في تفاصيلها السياسية.

حادثة البصرة ترسخ العلاقة بين المنبر الديني والمرجعية. فبينما يمكن للخطباء التعبير عن آرائهم، فإن المرجعية لا تسمح بتحويل هذه الآراء إلى مواقف رسمية. لذا، جاء اعتذار المظفر ليؤكد على ضرورة أن يبقى المنبر بعيداً عن الدعاية الانتخابية، وأن المرجعية تريد الحفاظ على دورها كمصدر ضمير وطني.

على مدار أكثر من عقدين، حافظت المرجعية على توازن دقيق بين الدين والسياسة، وبين التعبير عن الرأي والالتزام بالمبادئ. وإن حادثة البصرة تمثل تأكيداً لهذا النهج، حيث أنه بالرغم من دورها الكبير في دعم العملية الانتخابية في بداياتها، فإن موقفها الحالي يؤكد على ضرورة ترك القرار بيد الشعب، مما يوضح أن المسؤولية تقع على عاتق الناخبين.