حق صاحب العمل في إدارة المنشأة
يحق لصاحب العمل إدارة منشأته بالطريقة التي يراها مناسبة لتحقيق التطوير وتحسين الأداء. ومع ذلك، لا يعني هذا الحق إمكانية ممارسة السلطة بشكل غير مبرر أو دون ضوابط. فكل قرار بفصل موظف يجب أن يعتمد على سبب مشروع وقانوني، بدعم من أدلة ومسوغات يتم تقديمها إلى منصة التأمينات الاجتماعية، من أجل حماية حقوق الموظف وصون كرامته. وفي الحالات التي تتشابك فيها الأسباب أو تكون غير واضحة، يكون لزامًا على وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية التدخل لإجراء تحقيق عادل وشفاف يضمن حقوق جميع الأطراف، ويمنع استغلال الثغرات القانونية التي قد تؤدي إلى الظلم.
إشكالية الفصل التعسفي
إن ما يحدث على أرض الواقع يعد مؤلمًا وغير منصف. فقد غدت المادة 77 في العديد من الحالات وسيلة سهلة لفصل السعوديين دون مبررات حقيقية أو تحقيقات عادلة، مما يُعَدُّ ظلمًا إداريًا وإخلالًا بمبدأ الاستقرار الوظيفي، والذي يُعتبر أحد دعائم الأمن الاجتماعي والاقتصادي. ومن المؤسف أن بعض قرارات الفصل قد صدرت عن إداريين غير سعوديين، مما يجعلنا مضطرين لمواجهة ما يمكن اعتباره “الفيل في الغرفة”. فلا يُعقل أن تكون مصائر المواطنين موضوعة تحت تصرف موظف أجنبي، قد لا يفهم بالضرورة آثار القرار على حياة المواطن وعائلته.
تتزايد يوميًا الحالات المشابهة، مؤكدة من خلال المحاكم العمالية التي تعاني من كثافة القضايا التي تتعلق بفصل غير مبرر، والتي تُنفّذ تحت غطاء المادة 77 دون أي مساءلة أو تدقيق. لست بصدد المطالبة بإلغاء هذه المادة، بل أطالب بحوكمتها وتقييد استخدامها من خلال وضع ضوابط تكفل العدالة، مثل إلزامية وجود سبب مكتوب ومفصل للفصل، ومراجعة لجنة محايدة قبل اتخاذ القرار، خصوصًا للموظفين الذين تجاوزوا مدة خدمتهم ثلاث سنوات. هذه الحوكمة لن تُضعف من موقف صاحب العمل، بل ستعززه وتحميه من التعسف، مما يسهم في بناء بيئة عمل أكثر ثقة واستقرارًا.
نحن في مرحلة تحول وطني تاريخي تحت قيادة رؤية 2030، التي تركز على التمكين والعدالة وتكافؤ الفرص. لذا يجب علينا أن نتجنب خسارة الكفاءات الوطنية بسبب ثغرات قانونية تُسْتَغل بشكل انتقائي تضر بمصالح المواطنين وتسيء إلى بيئة الاستثمار. وأخيرًا، يجب أن تبقى السعودية للسعوديين، مع تقدير واحترام المقيمين فيها، ولكن ليس على حساب أمن المواطن الاجتماعي أو مستقبله المهني.
تعليقات