دار الكتب تحتفي بتراث شيخ المداحين محمد الكحلاوي من خلال ورشة فنية تسجل قصة العشق النبوي

سيرة شيخ المداحين محمد الكحلاوي

نظمت قاعة الفنون بـ”دار الكتب والوثائق القومية” ورشة حكي بإدارة بدر سلطان، حيث تم إحياء ذكرى أحد أعظم فناني مصر والعالم العربي: شيخ المداحين محمد الكحلاوي. هذا الفنان الذي انتقل من عالم الطرب والسينما إلى صوت يُعبر عن حب النبي ﷺ، ليصبح رمزًا للمدح النبوي.

رمز المدح النبوي

شهدت الورشة إقامة معرض فني مصاحب، عُرضت فيه صور تاريخية تبرز محطات مهمة من حياة الكحلاوي الفنية والشخصية، بدءًا من بداياته على خشبة المسرح، مرورًا بفترة ظهوره في السينما، وصولاً إلى دوره كأحد أبرز رواد الإنشاد والمديح النبوي. الإمكانيات الفنية للكحلاوي تجلت من خلال المعرض، الذي حوى صورًا نادرة ولقطات من أعماله وأمسياته الدينية، إضافةً إلى مقتطفات من أشهر مدائحه وألحانه التي لا تُنسى. وُلد الكحلاوي في عام 1912 في منيا القمح بمحافظة الشرقية، وكانت نشأته يتيمة، حيث تربى تحت رعاية خاله الفنان محمد مجاهد الكحلاوي. بدأ مشواره المهني كموظف في السكة الحديد، ولاعب كرة قدم، حتى تم اكتشاف صوته بشكل غير متوقع خلال إحدى العروض المسرحية، مما غير مجرى حياته.

عودة إلى الجذور الموسيقية

هرب الكحلاوي إلى الشام مع فرقة عكاشة دون علم خاله، حيث قضى هناك نحو 8 سنوات تعلم خلالها أساسيات الموسيقى العربية، وأتقن اللهجة البدوية وفن المواويل. عاد إلى مصر محملًا بتجربة موسيقية غنية، استغلها لدخول عالم الإنتاج السينمائي. تميز في الغناء البدوي، ثم الشعبي، وابتكر أسلوبًا جديدًا يمزج بين الأغاني الشعبية والموسيقى الكاملة، وقدم مع بيرم التونسي العديد من الأعمال، حيث قام بتلحين أكثر من 1200 أغنية، من بينها 600 لحن ديني، وشارك في أكثر من 30 فيلمًا، وأسّس شركة “أفلام القبيلة” التي أنتجت مشاريع بارزة مثل “بنت البادية” و”كابتن مصر” و”رابحة”.

في منتصف حياته، مُني بمرض أفقده صوته، لكنه حلم برؤية مبشره بالشفاء شرط أن يكرس صوته فقط لمدح النبي ﷺ. وهكذا، نذر نفسه لتقديم الغناء الديني وابتعد عن أضواء الطرب، وانتقل للعيش في استراحة مسجد بناه بنفسه بحي الإمام الشافعي. من أبرز مدائحه: “لأجل النبي”، “حب الرسول دوبني”، “يا قلبي صل على النبي”، و”ملحمة الرسول”. ومنح لقب “مداح الرسول” من شيخ الأزهر عام 1964. حصل على جوائز مرموقة منها وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى وجائزة الدولة التقديرية، وتم تكريمه من وزارة الثقافة عام 2021. كما كتب ابنه أحمد الكحلاوي سيرة والده في كتاب بعنوان “محمد الكحلاوي.. قيثارة التائبين”، وأهدى مقتنياته لمتحف المسرح والموسيقى. في ختام الورشة، أكدت بدر سلطان أن الكحلاوي لم يكن مجرد مطرب، بل كان ظاهرة روحانية لا يزال صداها مستمرًا، حيث أن أغانيه تجلب السكينة إلى القلوب.