انتخابات كردستان: الواقع والتحديات
كتب: صلاح حسن بابان
تجري الانتخابات في إقليم كردستان هذا العام دون إثارة كبيرة، حيث تراجع الخطاب الذي كان يتحدث عن مواجهة بغداد، وانطفأت شعارات الاستقلال التي كانت سائدة. تسيطر المشاكل اليومية على تفكير الناخبين، بينما تقترب الانتخابات الاتحادية التي سترسم الحدود الجديدة للعلاقة بين أربيل وبغداد.
الاستحقاقات الانتخابية
في كل انتخابات، يتحول إقليم كردستان إلى مشهد درامي يحمل في طياته وعودًا وتهديدات، حيث تسعى الأطراف السياسية إلى تعبئة الشارع الكردي لدفعه نحو صناديق الاقتراع. لكن الصورة هذا العام تبدو مختلفة، إذ غابت مظاهر “روح الانتقام” من العراق، التي كانت تصاحب الحملات الانتخابية السابقة. كانت الاحتفالات تتخللها لغة تهديدية ضد بغداد، حيث كانت بعض الأحزاب تعتبر الحكومة الاتحادية “جارًا سيئًا”.
تتراجع المناظرات الداخلية بين الأحزاب الكردية، حيث يتبادل كل منها اللوم حول الأزمات السياسية والاقتصادية. فضلاً عن ذلك، يعاني الإقليم من أزمة في صرف الرواتب، مما يؤدي إلى تزايد سخط المواطنين. وقد أصبح المواطن الكردي اليوم بعيدًا عن الأمل في الاستقلال، مشغولاً أكثر بفكرة ضمان سلاسة رواتبهم من الحكومة الاتحادية.
يشارك 314 مرشحًا في الانتخابات البرلمانية المقبلة في كردستان، لتولي 44 مقعدًا مخصصًا للمحافظات الكردية. يتنافس هؤلاء المرشحون من أحزاب تقليدية وحديثة، كما يتوقع أن تشهد الساحة ظهور كتلة جديدة مثل “هه لويست”، بعد تراجع حزب “الجيل الجديد”. تستمر الأزمات وعمليات الفساد في التأثير بشكل واضح على المشهد باستخدامها كأدوات سياسية من قبل الأحزاب.
تتأخر حكومة الإقليم المثقلة بالانقسامات، وسط توقعات بأن تؤجل تشكيلها حتى بعد الانتخابات البرلمانية العراقية المقبل. تعد تلك الانتخابات فرصة لفوز الأحزاب الكردية وإعادة توزيع المناصب، مما قد يؤثر على قضايا مشاركة كردستان في الحكومة الاتحادية.
المستقبل يحمل غموضًا بشأن التحالفات الكردية في بغداد مع عدم وضوح النتائج. قد تتشكل ملامح جديدة لهذه التحالفات بعد معرفة عدد المقاعد المكتسبة لكل حزب كردي. والمنافسة بين الحزبين الرئيسيين قائمة، لكن مع غياب التيار الصدري، قد يختصر ذلك الوقت اللازم لتشكيل الحكومات وتوحيد المواقف.
إذا كان هناك تغير في المشهد السياسي بعد الانتخابات، فإن تشكيل الحكومة الجديدة في كردستان قد يعتمد بشكل مباشر على نتائج الانتخابات النيابية، مما سيجعل الأحزاب الكردية تقيم تحالفاتها مجددًا بما يتلاءم مع المستجدات الإقليمية والدولية.
تعليقات