الاستثمار في التعليم.. من الإنفاق إلى العائد الوطني
شهد قطاع التعليم في المملكة تحولًا كبيرًا، حيث أصبح من أبرز مجالات الاستثمار المستدام بعد أن كان يعتمد بشكل أساسي على الإنفاق الحكومي. هذا التحول جاء نتيجةً للجهود المبذولة من خلال الملتقى الوطني للتميز المدرسي “تميّز 2025” الذي نظمته هيئة تقويم التعليم والتدريب، مما أسس لمرحلة جديدة من التنافسية بين المدارس.
التنافس المدرسي يعزز بيئة تعليمية جاذبة
هذا الملتقى جمع مجموعة متنوعة من القيادات التعليمية والمستثمرين، حيث لم يقتصر على تكريم 760 مدرسة متميزة، بل فتح المجال للتنافس الذكي بين المدارس، مما جعل مؤشرات الجودة ونتائج التقويم محورًا رئيسًا لجذب الاستثمارات وزيادة الثقة في قطاع التعليم. ومع اتساع نطاق التقويم الذي شمل أكثر من 26 ألف مدرسة وبيانات تتعلق بـ 1.3 مليون طالب وطالبة، أصبحت نتائج الأداء المدرسي تعتبر أداة حيوية ليس فقط لتحسين مستوى التعليم، ولكن أيضًا لتقييم الفرص الاستثمارية في هذا القطاع.
كل مدرسة تحقق تميزًا في الأداء وتظهر بياناتها على منصة “تميّز”، تتحول إلى فرصة استثمارية محتمَلة، مما يدفع نحو شراكات تعليمية ومشاريع تطويرية. مختصون يرون أن نشر بطاقات الأداء المدرسي قد خلق نظامًا تنافسيًا يعزز الثقة في البيانات، مما يشجع القطاع الخاص والمستثمرين على الاستثمار في التعليم الأهلي والدولي، وإنشاء المدارس النموذجية، بالإضافة إلى دعم برامج التطوير المهني للمعلمين.
تضع رؤية السعودية 2030 التعليم في مركز اهتماماتها، إذ يأتي كأحد أهم المحركات لتطوير القدرات البشرية وبناء اقتصاد قائم على المعرفة. ويهدف برنامج تنمية القدرات البشرية إلى تحسين جودة التعليم، وربطه بسوق العمل، ومشاركة القطاع الخاص في العملية التعليمية، مما يجعل المؤسسات التعليمية بيئات إنتاج للمعرفة والإبداع.
التنافس الذي أطلقه ملتقى “تميّز 2025” بين المدارس الحكومية والأهلية والدولية، أحدث ديناميكية جديدة في التعليم السعودي؛ فكل مدرسة تسعى لتحسين موقعها في التصنيف الوطني، مما يدفعها لتطوير البنية التحتية وتحسين البرامج التعليمية وتأهيل الكوادر، الأمر الذي ينعكس على جودة التعليم واستدامة الاستثمار. إن هذا التحول يعزز من دور المدرسة ككيان اقتصادي تنموي يُحفز على الاستثمار، مما يبشر بعصر جديد من الشراكات بين التعليم والقطاع الخاص، حيث ستشهد المرحلة المقبلة توسيعًا أكبر في التعاون لتحقيق جودة تُقاس بالبيانات وتنافسية تدعم الاستثمار وتنمية تعتمد على المعرفة.

تعليقات