عودة الظل الأمريكي إلى بغداد: باتريوس يقوم بزيارة تتضمن تحليلات استخبارية وأصداء إقليمية

زيارة باتريوس: تسليط الضوء على الأوضاع الأمنية والسياسية في العراق

استقبل القصر الجمهوري في بغداد الجنرال الأمريكي السابق ديفيد باتريوس، الذي التقى برئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد. وقد وُصِفت هذه الزيارة بطابعها الاستخباري والاستطلاعي، حيث تهدف إلى تقييم الوضع الأمني والسياسي في العراق. تأتي الزيارة في ظل تصاعد النشاط الأمريكي في المنطقة، والذي يهدف إلى إعادة ضبط خريطة النفوذ بعد التطورات الأخيرة في كل من سوريا وإيران.

لقاء يحمل دلالات استراتيجية

يُعتبر باتريوس أحد أبرز القادة العسكريين الأمريكيين، حيث لعب دوراً حيوياً في صياغة الاستراتيجيات الميدانية خلال فترة ما بعد عام 2003 في العراق. قاد القوات الأمريكية خلال أصعب فترات الصراع الداخلي بين عامي 2007 و2010، وأشرف على استراتيجية “الصحوات” التي كانت نقطة تحول في القتال ضد تنظيم القاعدة. بعد ذلك، تولى إدارة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ليصبح واحداً من المراجع الاستراتيجية في القضايا العسكرية والأمنية.

في تصريحاته حول الزيارة، أشار الخبير الأمني أحمد التميمي إلى أن اللقاء يحمل بعداً استكشافياً، يهدف إلى فهم الوضع الأمني والآراء العراقية تجاه الملفات الإقليمية الحساسة. ويعتبر التميمي أن خبرة باتريوس الطويلة، التي تمتد لأكثر من أربعة عقود، تجعل من زيارته للمنطقة ذات أهمية خاصة لتعزيز فهم الولايات المتحدة للتوازنات الإقليمية.

كما أضاف أن توقيت الزيارة يأتي في ظل تصاعد الخطاب الأمريكي حيال إيران وتحولات الوضع في سوريا، وهي أمور تتطلب تقييماً دقيقاً قبل اتخاذ أي قرارات استراتيجية جديدة. تعتبر التحركات غير الرسمية لشخصيات بمكانة باتريوس مؤشراً على سعي الولايات المتحدة لتقييم المشهد الأمني في العراق وإعادة النظر في سياستها الإقليمية.

من الجدير بالذكر أن باتريوس التقى مؤخراً الرئيس السوري أحمد الشرع خلال فعاليات دولية في الولايات المتحدة، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت الزيارة الأخيرة تمتد إلى رؤية أوسع تشمل ملفات الأمن والسياسة في الشرق الأوسط. رغم عدم وجود تأكيدات رسمية، يُظهر تسلسل الأحداث أن زيارة بغداد تعكس استراتيجية استخبارية تتعلق بإعادة قراءة تحالفات الشرق الأوسط.

تتزامن هذه الزيارة مع تغييرات متسارعة في الساحة الإقليمية، حيث تسعى الولايات المتحدة لتثبيت وجودها الاستخباري في ظل التغيرات المستمرة في توازن القوى بين طهران ودمشق وبغداد، حيث لا يزال العراق نقطة ارتكاز استراتيجية في معادلة الردع ضد إيران.

يقول المراقبون إن نشاط شخصيات أمنية رفيعة مثل باتريوس يعكس توجه الولايات المتحدة نحو اعتماد دبلوماسية غير رسمية، حيث تسعى لفهم التوجهات العراقية إزاء مواضيع حساسة، مثل مستقبل الوجود العسكري الأجنبي وعلاقات العراق مع طهران ودمشق.

على الرغم من عدم وجود تصريحات سياسية واضحة خلال الزيارة، إلا أنها تأتي ضمن سلسلة من التحركات الأمريكية التي تسعى إلى إعادة تقييم العلاقة مع العراق في ضوء التحولات المستمرة، مع التأكيد على ضرورة مراجعة آليات التنسيق الميداني لتعزيز الاستقرار والأمن، والحفاظ على المصالح المشتركة بين الجانبين.