حسام الدين: رمز الطيبة والإتقان ون代表 العلم والإيمان

وداع للطبيب الفاضل

فقدنا الطبيب الذي كان أكثر من مجرد معالج للجسد؛ فقد كان طبيبًا للروح وبلسمًا لوجدان الإنسانية ونبضًا خالصًا.

توفي الدكتور حسام الدين محمود الإسكندراني، الرجل النبيل الذي جاء من سواحل مصر العزيزة، محملاً بدفء الإسكندرية، حاملاً في يديه نور الشفاء، وفي صوته نغمة الحكمة والصفاء.

عرفناه على مدار خمسةٍ وعشرين عامًا، فكان قدوةً في الأخلاق، ومثالاً في التواضع، ومشعلاً يُنير الطريق بابتسامته الهادئة وطبيعته الوقورة.

كان حين يدخل القسم، تسكن الأصوات وتسارع القلوب للتعبير عن حبها له قبل أن تتحدث الألسنة. وعندما كان يجري الفحص أو الأشعة، كانت المعرفة تراقص أنامله، والمهارة تنحني أمام دقته وإتقانه.

عاشقًا للأشعة فوق الصوتية والدوبلر، كان يقرأ الموجات كالشاعر الذي يُحلل القصيدة، ويجسّد شعور تلك الموجات بتشخيص يُطمئن النفوس؛ كأن في سماعها لحنًا للجمال، وسحرًا في دقّات الطب.

شهادة لعطاء الطبيب

عمل معنا في قسمٍ كان بمثابة بستانٍ للعلم والصداقة، حيث جمع بين مجموعة من الزملاء الذين شكلوا لوحةً من الوفاء والإخلاص، وأذكر منهم أصحاب الخبرة والحكمة: أحمد الكادومي، إبراهيم النعمي، أحمد عسيري، علي العقيلي، يحيى حمود، عبد الله حامد، وغيرهم من الذين تركوا بصمتهم.

كان له مكانةٌ رفيعة وسط زملائه من الأطباء، حيث كان يُعدّ كبيرًا في هيبته ومكانته. كما كان يتعاون مع مجموعة من المتميزين تحت إدارة الأوفياء: الأستاذ محمد العقيلي، محمد النعمي، وموسى طميحي، وغيرهم.

كان بمثابة الروح التي تجمع الفريق، ونبض القسم، ورمز العطاء المستمر. أتذكره جيدًا كطالب امتياز في مستشفى صبيا العام، حيث قضى نحو عقدين من الزمن، كان الأب والأخ والمُوجه، يمدّ يد العون للجميع ويتفانى في تقديم النصح.

كان يأتي بين الحين والآخر ليحيي الجميع، دون بحث عن مكانة أو منفعة، بل بتواضع يسبق هيبته. كانت تحيته تُشعرنا بالدفء وكلماته تُعطي الأمل في النفوس.

تجمعنا به أيضًا في القاهرة العام الماضي، حيث كان كما هو دائمًا: بحرًا من الألفة ولغة صدق، يوصي الجميع بضرورة طلب العلم والتفوق ليعودوا بفخر إلى بلدهم.

ومع ذلك، فإن خبر وفاته جاء كصدمة، جعلني أشعر بأن الليل قد حل بلا قمر. فقد ترك الطبيب النبيل أثرًا عميقًا في قلوبنا وذكرى خالدة، بعطائه الذي لن يُنسى وسيرته المليئة بالإنسانية.

سلامٌ عليك يا طبيب الأخلاق قبل الجسد، ويا فارس الطب. رحمك الله رحمةً واسعة، وأعطاك جزاءً يُناسب صفاء روحك ونقاء قلبك، وجعل آثارك خالدًة في الذكريات.