مبادرات حزب الله تجاه السعودية: تغيير في الديناميكيات الإقليمية
قام حزب الله بخطوة لافتة بعد سنوات من التوتر والحساسية تجاه المملكة العربية السعودية، حيث قدم مبادرات تهدف إلى تحسين العلاقات مع الرياض في إطار السعي لإعادة تموضعه وسط تغيرات إقليمية متسارعة. خلال خطاب تلفزيوني ألقاه الأمين العام للحزب، الشيخ نعيم قاسم، دعا إلى «فتح صفحة جديدة» مع السعودية، مشددًا على ضرورة التحرك الجماعي لمواجهة ما وصفه بالتهديد الإسرائيلي للمنطقة. قاسم أكّد أن سلاح المقاومة موجه ضد العدو الإسرائيلي فقط، وليس ضد لبنان أو السعودية أو أي جهة أخرى.
التحول في العلاقات العربية
يمثل هذا النداء تغييرًا ملحوظًا في موقف حزب الله الذي لطالما كانت هناك توترات قوية بينه وبين السعودية، خاصة بسبب الأزمات في سوريا واليمن، بالإضافة إلى النزاع القائم بين إيران والمملكة. وقد تعمقت هذه التوترات حتى عام 2016 عندما صنف مجلس التعاون الخليجي حزب الله كمنظمة إرهابية. ومع ذلك، تم تعليق هذه التوترات مؤخرًا مع سعى العربية السعودية نحو إعادة التوازن في علاقاتها الإقليمية.
على خلفية جهود دبلوماسية هادئة من طهران، بدا أن تصريحات قاسم تأتي كجزء من استراتيجية أوسع مدعومة من إيران، مما يشير إلى تحول جديد في العلاقات الخليجية. يعكس هذا التوجه إدراكًا من الجانبين للمخاطر المتزايدة الناتجة عن الأنشطة العسكرية الإسرائيلية في المنطقة. كما يبدو أن هناك تغييرًا في التوازن الإقليمي، مما يعزز احتمال تأسيس تحالفات جديدة بين الدول المعنية.
واللافت أن قاسم أكد في تصريحاته ترابطًا ضروريًا لمواجهة التهديدات المشتركة. فخلال زيارة لمسؤول إيراني إلى لبنان، تم الإشادة بمبادرة قاسم، مما يبرز مساعي إيران لتعزيز التعاون مع الجوار العربي. واستجابة لهذه الديناميكيات، أشار المحلل السياسي اللبناني إلى أن حزب الله يبدو مستعدًا للتحاور والانتظار لاستجابة السعودية.
التحديات الداخلية في لبنان تلقي بظلالها على هذه المبادرة، حيث يعاني البلد من أزمة اقتصادية خانقة. في ضوء الضغوط الدولية لتنفيذ نزع السلاح من الميليشيات، يبرز موقف حزب الله كعامل رئيسي في السياق اللبناني-العربي. ببيانات قاسم، يتم توضيح الرسائل الموجهة ليس فقط إلى السعودية، ولكن أيضًا إلى الدول الغربية التي تستعد لتقديم مساعدات للبنان. إن انتكاسات الحزب في القتال ضد إسرائيل تشير إلى وضعه المعقد، حيث لا يزال يحظى بشعبية كبيرة رغم التحديات.
بينما تبقى الصورة العامة لحزب الله في دول الخليج مشوهة بسبب التصريحات السابقة من قادته، يبقى غير واضح كيف ستستجيب السعودية لمبادرات قاسم. تتغير التحالفات، ومعها استراتيجيات الدول، مما يجعل من الممكن أن لا تُرفض دعوات حزب الله بشكل قاطع.

تعليقات