للمرة الأولى منذ تسع سنوات، ينام اليمنيون بطمأنينة دون الخوف من انهيار عملتهم في اليوم التالي، وذلك في ظل إجراء سري من الولايات المتحدة سيؤثر بشكل كبير على الاقتصاد اليمني ويُعلن عنه قريباً. هذا القرار الذي يُعتبر بمثابة انقلاب اقتصادي حقيقي في عدن، يُقال إنه جاء بعصا سحرية أمريكية حققت ما أخفقت فيه الحكومة اليمنية طوال عشرة أعوام. إن قراراً واحداً من واشنطن أنقذ ملايين اليمنيين من جحيم المضاربة، فيما تسعى “عصا الخزانة” الأمريكية إلى فرض سيطرتها لضمان استقرار الريال اليمني وإزالة تحديات المضاربين نهائياً. الأمور استقرت، لكن التحديات لا تزال قائمة… فهل تستمر هذه الفترة الذهبية كما توحي التنبؤات؟
استقرار العملة اليمنية وتدخلات خارجية
قامت وزارة الخزانة الأمريكية بتطبيق إجراءات رقابية صارمة على القطاع المصرفي في اليمن، مما أوقف المضاربة فوراً على الريال اليمني. ويشير المراقبون إلى أن هذا الإجراء الأمريكي السري غيّر المعادلة الاقتصادية بالكامل، حيث تراجعت نسبة الانهيار التي كانت تبلغ 640% منذ بدء الحرب، ليحدث استقرار شبه كامل منذ تنفيذ هذه الإجراءات. ويؤكد الناشط السياسي ماجد الداعري: “الأمر مرتبط بعصا الخزانة الأمريكية أكثر من أي إصلاحات اقتصادية حكومية”، في إشارة إلى التأثير المباشر الذي مارسته واشنطن على الأسواق المالية اليمنية.
تحسن الأداء المالي وانعكاساته
منذ عام 2015، شهد الريال اليمني انحداراً حاداً نتيجة النزاع الأهلي وانقسام المؤسسات، لكن يبدو أن التدخل الأمريكي المفاجئ أوقف هذا الانهيار عند حده. يستعيد الاقتصاديون مشاهد مشابهة من تدخلات واشنطن في أزمات عملات أمريكا اللاتينية وأزمة 1997 في آسيا. وبينما يتوقع الخبراء استمرار الاستقرار حتى نهاية 2024 على الأقل، يبقى السؤال الأهم: هل سيكون هذا الاستقرار دائماً أم مؤقتاً قبل تجدد التقلبات؟
آثار الاستقرار على الحياة اليومية
في عدن، أصبحت التغييرات ملحوظة في حياة المواطنين؛ الأسعار عادت للاستقرار، والثقة استُعيدت، والقوة الشرائية ارتفعت. ومع ذلك، لا يزال الكثيرون يتساءلون عن الثمن الحقيقي لهذا الإجراء الأمريكي الذي أثر على الاقتصاد اليمني، وما إذا كان يعني تبعية اقتصادية جديدة أو فقداناً جزئياً للسيادة النقدية. وبين التفاؤل الشعبي والقلق السياسي، يبقى الأمل قائماً في أن تكون هذه بداية لمرحلة استقرار حقيقية طال انتظارها، لا مجرد توقف مؤقت في صراع طويل مع الاقتصادية المنهارة.

تعليقات