مصافحة تاريخية بين السوداني وترامب: هل تكون بداية جديدة للعلاقات مع الولايات المتحدة؟

قمة شرم الشيخ ودور العراق في الدبلوماسية الإقليمية

تتزامن الأحداث المتعلقة بالصراع في غزة مع إعادة تشكيل التوازنات الإقليمية في الشرق الأوسط، حيث يشارك رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في قمة شرم الشيخ للسلام المقررة اليوم (13 تشرين الأول 2025). يأتي ذلك في ظل تواجد فريق عربي ودولي واسع بقيادة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب. تمثل هذه المشاركة محاولة لتعويض غياب العراق عن القمة الأمريكية السابقة، مما يثير الأسئلة حول إمكانية لقاء بين السوداني وترامب خلال القمة.

التوجهات السياسية للعراق في الساحة الدبلوماسية

أوضح أستاذ العلوم السياسية طارق الزبيدي أن العراق كان يشعر بخيبة أمل كبيرة بسبب عدم دعوته للاجتماع الذي جمع القادة العرب مع ترامب في الولايات المتحدة. وأشار إلى أن العراق يسعى دائمًا إلى أن يكون جزءًا من الحلول، مقدمًا نفسه كوسيط مقبول بين الأطراف المختلفة.
ويؤكد المراقبون أن هذا الاستياء يعكس رغبة العراق في استعادة دوره الفعال في الدبلوماسية متعددة الأطراف بعد سنوات من الانشغال بالملفات الداخلية. وبذلك، تأتي الدعوة المصرية الحالية كخطوة لإعادة دمج العراق في الحوارات الإقليمية، وبخاصة تلك المرتبطة بالأزمات الكبيرة مثل النزاع في غزة.

ويقول الزبيدي إن دعوة العراق للمشاركة في قمة شرم الشيخ هي بمثابة لفتة من الرئيس المصري، مشيرًا إلى إمكانية وجود حديث أو اجتماع جانبي بين السوداني وترامب. ومع ذلك، يحذر الزبيدي بأن أي لقاء قد يحدث سيكون بروتوكوليًا، حيث سيركز الحديث على الأحداث في غزة فقط، وهو ما يضع اللقاء في إطار رمزي أكثر من كونه اجتماعا ذا طابع سياسي أو استراتيجي حقيقي.

من ناحيته، يعبر الزبيدي عن رغبة العراق في أن يكون له دور نشط في القضايا الإقليمية والعالمية، مشيرًا إلى أن ذلك يعتبر إنجازًا يحسب لرئيس الوزراء السوداني. يعتبر المحللون أن هذه المشاركة تهدف إلى إعادة تفعيل دور العراق الخارجي بعد فترة من التركيز على الأزمات الداخلية، حيث ترى بغداد في القمة فرصة لاستعادة التوازن في علاقاتها، خاصة مع الولايات المتحدة التي لا تزال تعد العراق جزءًا أساسيًا من استقرار المنطقة على الرغم من الفتور في العلاقات.

ويتضح من تصريحات الزبيدي أن العلاقات العراقية – الأمريكية رغم الفتور تتضمن مصلحة مشتركة تعزز التواصل بين الجانبين. إذ تدرك واشنطن أهمية العراق في المعادلة الإقليمية، بينما يحاول السوداني الحفاظ على سياسة متوازنة، تتجنب الاصطفاف الحاد في التوترات الإقليمية، من خلال تبني نهج “الفاعلية الهادئة” أمام الأزمات.

أي لقاء محتمل بين السوداني وترامب حتى لو كان شكليًا، سيشكل مناسبة رمزية لكسر الجمود بين بغداد وواشنطن، خاصة وأن السوداني لم يسبق له أن التقى ترامب بشكل مباشر منذ توليه منصبه، ولم يحضر الاجتماعات الأخيرة للأمم المتحدة. سواء نجح السودان في الاجتماع مع ترامب أو اكتفى بحضور رمزي، يبقى أن العراق يهدف من خلال قمة شرم الشيخ إلى إرسال رسالة ثنائية: بأنه لا يرغب في البقاء خارج دوائر القرار الإقليمي، ويريد تجاوز اختزاله في العلاقة مع طهران أو واشنطن فقط. يبدو أن الدبلوماسية العراقية تسجل خطوات ببطء نحو استعادة تواجدها، بدءاً من القاهرة إلى ما بعدها.