التطوير التعليمي
جلس مسؤول القبول والتسجيل في إحدى الكليات عام 1423هـ أمام شاشة الحاسب ليعرض نتائج الطلاب وشهاداتهم المطبوعة بغرض الاحتفال بتحول الكلية إلى “نظام إلكتروني”. تفاعل الجمهور مع العرض بالتصفيف، معتقدين أن ذلك يمثل بداية دخولهم لعصر التقنية. وعندما سُئل عن سرعة الإنجاز، أجاب مبتسمًا بأنهم يطبعون السجلات باستخدام برنامج الوورد، مما دفع الحضور للاحتفاء بالإنجاز الجديد. ولكن، في زوايا الحفل، قال أحد المتخصصين في التقنية: “هذا ليس نظامًا إلكترونيًا بل هو مجرد نقل للخط اليدوي إلى كتابة مطبوعة”. واعتُبر حديثه كأنه تقليل من قيمة الإنجاز وسط ضجيج التصفيق.
مع مرور الوقت، بدأت تظهر مشكلات حقيقية: بطء في إعلان النتائج، أخطاء في تسجيل الدرجات، وجهد مضاعف لتصحيح الأمور بعد الطباعة. بالإضافة إلى ذلك، أدت هذه التحولات الشكلية إلى ظهور ثغرات جديدة. وعندما أمعن الجميع النظر، أدركوا أن ما سُمّي “تحولًا إلكترونيًا” لم يكن سوى تغطية لواقع متهالك.
التغيير التعليمي
هذه القصة ليست مجرد نكتة، بل تمثل واقع التعليم عند تبني وزارة التعليم مفهوم التعلم النشط ونظرية التعلم البنائي. ظن البعض أن تغيير طرق التدريس والاستراتيجيات يعد كافيًا للانتقال نحو البنائية، في حين ظل المنهج مُعتمدًا على المعرفة التقليدية ذاتها. فقد وُضعت كتب موحدة ومواد دراسية منفصلة، مما يتعارض مع فكرة البناء البنائية.
لم يكن القائمون على المشروع متمكنين من نظريات المناهج، مما أدي إلى تنفيذ التعليم بممارسة شابتها الفوضى، مع عدم استيعاب للعواقب حتى لطالبين الخريجين. وغالبًا ما كانت القرارات غير مدروسة ودون رؤية بعيدة المدى.
بدأت مسيرة التغيير مع التقويم المستمر، يليه تعميمه في عام 1428هـ ومشروع تطوير المناهج. ورغم الخطوات المبدئية الواعدة، ظل التنفيذ شكليًا، حيث تغيّرت طرق التدريس دون المساس بجوهر المناهج. وبالتالي، وُجد معلمون مضطرون لتطبيق استراتيجيات جديدة على محتوى قديم، مما أدى إلى تفتيت الرؤية التعليمية.
كتبت ملاحظات عديدة حول معلمين كانت نتائجهم متميزة، بينما كان عدم استخدامهم لاستراتيجيات التعلم النشط هو العائق أمامهم. وبالتالي، حدث خلط بين الشكل والمضمون، مما أثر سلبًا على الطلاب، الذين أصبحوا محاصرين بين أسلوب تعليمي غير متكامل.
في نهاية المطاف، كانت جهود الوزارة لتحقيق نتائج إيجابية في الاختبارات الدولية غير كافية، بينما استخدام الأدوات ذاتها التي تسببت في المشكلة لم يقدم أي حل. يحتاج التعليم إلى إعادة نظر شاملة؛ فالقضايا التربوية لا يمكن إصلاحها بشكل عشوائي، بل تتطلب بحوث ودراسات قائمة على تحليل دقيق وتجريب بحذر.

تعليقات