اقتصاد العراق ينخفض 0.9% في 2025… و”انتعاش متوقع” بنسبة 6.7% إذا تخطى سعر النفط 80 دولاراً

تحديات الاقتصاد العراقي في ظل تقلبات سوق النفط

تشير التقارير الصادرة عن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي إلى أن العراق يواجه مفترق طرق حرج في اقتصاده المعتمد على النفط، ما يجعله عرضة للركود مع كل تراجع في الأسعار العالمية. وفقًا لتوقعات البنك الدولي المثيرة للجدل، من المتوقع أن يُسجل العراق نمواً اقتصادياً سالباً بنسبة 0.9% بحلول عام 2025، بينما تُظهر التقديرات نمواً ملحوظاً في ليبيا بنسبة 13.3% وفي جيبوتي بنسبة 6%.

عوامل التأثير على النمو الاقتصادي

هذه التنبؤات، التي قد تبدو صادمة للوهلة الأولى، تعكس هشاشة البنية الاقتصادية للعراق التي تظل مرتبطة بمتغيرات خارجية تخرج عن سلطة الحكومات المحلية. كما يوضح الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، فإن الاقتصاد العراقي يفتقر إلى نموذج نمو ذاتي مستدام، حيث يعتمد بشكل كبير على أسعار النفط، التي تمثل نحو 50% من الناتج المحلي الإجمالي. وبالتالي، أي انخفاض عالمي في الأسعار يؤثر مباشرة على الإيرادات والميزانية ومعدل النمو.

على الرغم من أن التقديرات من المؤسسات المالية تختلف، إلا أن الصورة العامة تبقى واضحة: تباطؤ كبير في الاقتصاد العراقي في عام 2025 مقارنةً بتحسن ملحوظ في جيرانه. ليبيا تمضي نحو زيادة الإنتاج إلى أكثر من 1.3 مليون برميل يوميًا، بينما تستفيد جيبوتي من توسعات في قطاع الخدمات. وعلى النقيض، يستمر العراق في حالة من “التأرجح” بين الإنتاج والأسعار، وسط التزامات أوبك+ وضغوطات الإنفاق العام.

مراجعة صندوق النقد الأخيرة التي أُجريت في تموز 2025 أكدت أن نمو اقتصادي غير نفطي في العراق لن يتجاوز 1%، مع تحذيرات من ارتفاع سعر التعادل لميزانية الدولة لأكثر من 84 دولارًا للبرميل. هذا يعني أن الأسعار التي تقل عن هذا الحد ستعمق العجز وتبطئ النشاط الاقتصادي.

ومع ذلك، قد يفتح عام 2026 نافذة من التفاؤل، حسب توقعات البنك الدولي، التي تشير إلى إمكانية تحقيق العراق أعلى معدل نمو بين الاقتصادات العربية بنحو 6.7%، إذا ارتفعت أسعار النفط إلى 80 دولارًا للبرميل. إلا أن الخبير نبيل المرسومي يشير إلى أن هذا السيناريو، رغم أنه ليس مرجحًا، يبقى ممكنًا في حال حدوث طفرة غير متوقعة في أسواق النفط.

يُظهر ذلك أن العراق لا يمتلك نموًا ذاتيًا أو خطة نمو محكمة، بل يعتمد على متغيرات خارجية للخروج من أزماته. وبالتالي، فإن ارتفاع الأسعار قد يؤثر مؤقتًا فقط على النشاط الاقتصادي قبل أن يعود كل شيء إلى مستوياته السابقة. إن مستقبل الاقتصاد العراقي يظل بعيدًا عن السيطرة، متأرجحًا مع تقلبات سوق النفط الدولية، ما يعكس بوضوح هشاشة النمو القائم على الموارد الريعية، حيث لا تُقاس قوة الاقتصاد بمقدار احتياطياته النفطية، بل بقدرته على التكيف مع تراجع الأسعار.