الدولة العميقة: اغتيالات سياسية وتجارب مأساوية مثل تجربة الرئيس الحمدي

الدولة العميقة في اليمن واغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي

الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي هو القائد اليمني الذي تآمرت عليه القوى الرسمية وغير الرسمية سوياً، مدعومة من السعودية، وقد تم تنفيذ هذه المؤامرة من قبل شخصيات سياسية كان قد منحها ثقته. من أبرز هؤلاء الضباط، أحمد حسين الغشمي، وعلي عبدالله صالح، الذي تولى السلطة بعد موجات من العنف، حيث أُسقط الرئيس الحمدي بنفس الطريقة ودون أن يُعرف له قبر.

تظل ذكراه خالدة في قلوب اليمنيين، خصوصاً الفقراء منهم، بينما تلاحق لعنة التاريخ القتلة والخونة الذين أسهموا في اغتياله. عند تحليل علاقة الدولة الشرعية بالدولة العميقة، يبدو أن هناك تداخلاً معقداً بين الجانبين، إذ أن تأثير كل منهما يتداخل في مجرى العملية السياسية والاجتماعية.

التحليل العميق للدولة العميقة

إن الدولة العميقة تعمل على تبرير وجودها من خلال زعم حماية المجتمع والوطن، وغالبًا ما تعتمد على خلق عدو وهمي لتوثيق شرعيتها. يُظهر معظم الأشخاص المنتمين إليها ولاءً يفوق ولاءهم لأي حكومة رسمية، مما يسمح لهم باستخدام العنف والممارسات القمعية كوسيلة للدفاع عن “الهُوية” والوطن.

اختيارهم القيام بأعمال عنيفة، مثل اغتيال شخصيات سياسية، يعكس الإيمان بأن هؤلاء الأفراد هم حماة الأمة. في واقعنا، كانت أغلب المحاولات للإصلاح أو التغيير تقابل بعنف من قبل تلك القوى. حوادث اغتيال الرموز السياسية مثل يحيى المتوكل وغيره، تُظهر كيف تجتمع الدولة العميقة والرسمية لتصفية حسابات سياسية.

اغتيال الرئيس الحمدي لم يكن حدثًا منفصلًا بل كان جزءًا من حركة تاريخية تمثّل مواجهة بين مشروع سياسي وطني وبين قوى تسعى للحفاظ على مصالحها الخاصة. بداية تلك المواجهة كانت عندما اتخذ الحمدي خطوات تهدف لبناء دولة مركزية حديثة، متجاوزًا التقاليد والنفوذ الذي تمسك به أقطاب الدولة العميقة.

تضمنت خطواته إصلاحات داخلية جذرية، مثل تشكيل مؤسسات جديدة ومحاولته لتقليص نفوذ القبائل والمشايخ على قطعات الجيش، وهو الأمر الذي أثار حفيظة هذه القوى التقليدية. تضافرت تلك العوامل لتؤدي في النهاية إلى اغتياله، حيث قام جهاز الأمن الوطني وقوى تقليدية متعددة بتنسيق العمل لتنفيذ الجريمة.

تظل تفاصيل تلك الليلة وفاتها غامضة، لكن المؤكد أنها كانت بداية النهاية لمشروع طموح كان يهدف لإعادة بناء الدولة اليمنية. اغتياله كان بمثابة إشارة لقوى الدولة العميقة بأن أي محاولة للتغيير ستواجه بقوة وحشية.