عمر النجدى: صراع بين أصالة الهوية ورؤية الحداثة

فنان الهوية والتراث: عمر النجدى وتجديد التعبير

عاش الفنان الراحل عمر النجدى حياة فنية غنية، حيث دمج بين الهوية والتراث مع أساليب التعبير الحديثة. لم يكن مجرد رسام، بل كان تجسيدًا لحالة إبداعية متعددة الأبعاد عبرت عن روحانية التراث بأساليب مبتكرة. يُظهر المعرض الجديد لأعماله «رحلة في تخوم الهوية والحداثة»، المنعقد في جاليرى بيكاسو، إبداعه المتنوع وتاريخيه الفني من خلال عرض مجموعة من أعماله المتعددة الوسائط، تكريمًا لإرثه العظيم. يستمر المعرض حتى 22 من أكتوبر الجاري ويتزامن معه معرض للفنان محمود الدويحي بعنوان «تناغم».

جانب من اللوحات

فنان الهوية والتجديد: النسيج الإبداعي لعمر النجدى

كان عمر النجدى من أبرز فناني مصر وأكثرهم تنوعًا، وما زالت تجربته الفنية تحظى بتقدير كبير. وُلِد في القاهرة عام 1931، نشأ بين صخب المدينة وهدوء الريف، مما ساهم في تشكيل خياله الفني. في الخمسينيات، برز نجمه في الساحة الفنية بالقاهرة حيث تدرب على الرسم والسيراميك والفسيفساء، مما أتاح له فرصة السفر إلى موسكو لإتقان فن السيراميك، وإلى إيطاليا حيث وسّعت خبراته. بعد عودته، شارك في تأسيس جماعة الفسيفساء المصرية، وأصبحت أعماله تحتل مكانة مرموقة بجانب أعمال عمالقة الفن في تلك الفترة.

جانب من اللوحات

تميزت أعماله بدمج الحروف والزخارف الشعبية مع عناصر التجريد، مما خلق لغة بصرية فريدة تجسد الذاكرة المصرية ومعاناة المجتمعات. تُعتبر لوحة له قد بيعت بسعر 400 ألف دولار، مما يعكس شعبيته الكبيرة. لم يكن عمر فنانًا يقتصر على الرسم وحسب، بل مارس فنون النحت والحفر وصناعة الجداريات، وعمل بخامات متنوعة، وابتكر بعض الألحان، مما يعكس حسه المميز في دمج الفن الصوتي والمرئي. اختار الوسائط بناءً على حالته النفسية، حيث كان يرسم في لحظات السكون، ويلجأ إلى النحت عندما يحتاج لتفريغ الطاقة الغاضبة. رغم تمسكه بهويته الشرقية، إلا أن تجربته تجاوزت الحدود العربية، مما أكد أن الهوية يمكن أن تكون مدخلًا للحداثة العالمية.

يقول إبراهيم بيكاسو، مؤسس جاليرى «بيكاسو»، إن المعرض يُعتبر تكريمًا لعمر النجدى، يقدم مجموعة متنوعة من أعماله التي تمتد من بداية مسيرته حتى عام 2005. يُبرز المعرض التنوع في أعماله التي تشمل 30 عملًا فنيًا، بعضها يتضمن عناصر فريدة مستوحاة من الكعبة، حيث يظهر تركيزه على الحرف والكلمات بأشكال مذهلة. يسعى المعرض ليكون بمثابة متحف يحمل قيمة فنية، مقدماً فرصة للجمهور للاطلاع على أعمال لم يروا بعضها من قبل، ولتسليط الضوء على إبداع النجدى الفريد.