نظم معرض الرياض الدولي للكتاب 2025 ندوةً حواريةً شاملة بعنوان “عوالم الترجمة بين الإبداع والصناعة”. وتناولت الندوة التحولات التي يشهدها قطاع الترجمة في المملكة، كما أكدت على الدور المتزايد للمترجم السعودي في تعزيز الحضور الثقافي الوطني على الساحة الدولية. وأشار الرئيس التنفيذي لجمعية الترجمة السعودية عبدالرحمن السيد إلى أن الترجمة اليوم قد أصبحت صناعةً متكاملةً تشهد زيادة ملحوظة في الطلب وصلت إلى أكثر من 40% في السنوات الأخيرة، وهو ما يعكس الاهتمام المتزايد بالترجمة في مختلف القطاعات الحكومية والخاصة. وذكر السيد أن الترجمة الأدبية قد تجاوزت مجرد نقل المعنى، لتصبح أداةً لفهم الآخر وتوسيع الآفاق الثقافية، مؤكدًا أن فضول الإنسان لمعرفة طريقة تفكير الآخرين هو ما يساهم في ارتقاء الفكر والحضارة من خلال الترجمة الأدبية. وأضاف أنه عند استعراضه لتطور فن الموشحات الأندلسية، وجد أوجه تشابه مع الموشحات الإنجليزية، مما يعكس عمق التفاعل الثقافي الذي يتم عن طريق الترجمة.
تطور مفهوم الترجمة
في سياق حديثه عن صفات المترجم المحترف، سلط الضوء على أن مفهوم الترجمة قد تغير؛ حيث لم يعد المترجم المعاصر يقتصر على نقل النصوص، بل يجب أن يمتلك مهارات لغوية وتقنية وأخلاقيات مهنية تؤهله للتنافس في سوق يتسم بالتطور السريع. وأضاف: “إذا كان هناك تغيير فرض علينا، فنحن ينبغي علينا التكيف معه وعدم مقاومته”. وأشار إلى أن سوق الترجمة في المملكة شهد قفزةً كبيرة، حيث ارتفع الطلب على ترجمة الإصدارات بنسبة 150% مؤخرًا، موضحًا أن الانتقال من الجهود الفردية إلى العمل المؤسسي ساهم في تعزيز استدامة هذا القطاع، خاصة مع إطلاق البرامج التمكينية وإعتماد المترجمين المعتمدين.
تنظيم المهنة وتعزيز الهوية
وتحدث رئيس جمعية الترجمة عن الدور الحيوي الذي تلعبه الجمعية في تنظيم المهنة وبناء مجتمعات مهنية متقاربة، مشيرًا إلى مشروع حصر وتصنيف المترجمين في المملكة وإنشاء مسميات وظيفية معتمدة بالتعاون مع الجهات المعنية، مؤكدًا أن القطاع يشهد مرحلة من النضج والتمكين. وبدوره، أشار السيد إلى أن أبرز التحديات تكمن في قلة الوعي السابق بأهمية الترجمة لدى البعض، لكنه أبدى تفاؤله بزيادة الوعي في الوقت الراهن، قائلاً: “القلق من إحلال الآلات محل المترجمين لا مبرر له، فالأدوات التقنية تدعم المترجم ولا تحل محله”. وفي ختام الندوة، أكد أن جمعية الترجمة تعمل وفق خطة مستقبلية تستهدف عام 2028 وتؤمن بأهمية الشراكات في هذا العصر، مشددًا على أن هذه السنة ستكون عام بناء الشراكات محليًا ودوليًا بما يسهم في إيصال صوت المترجم السعودي إلى العالم.
لقد جاءت الندوة كجزء من سلسلة فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب 2025 التي تهدف إلى إثراء المشهد الثقافي السعودي من خلال فتح حوارات متخصصة تتعلق بصناعة المعرفة ودور الترجمة في دعم التنمية الثقافية والاقتصادية في المملكة.
تابعوا آخر المستجدات عبر حساب سيدتي على منصة إكس.

تعليقات