شراء البطاقات الانتخابية: جريمة جديدة تلوح في الأفق تهدد نزاهة انتخابات 2025 » وكالة بغداد اليوم الإخبارية

الانتخابات العراقية وتأثير المال

تشهد الساحة السياسية في العراق تصاعداً لافتاً في محاولات التأثير المالي على العملية الانتخابية، حيث تتجاوز هذه المحاولات مجرد شراء الأصوات لتصل أيضاً إلى منع المواطنين من المشاركة في الانتخابات. تعكس الممارسات الحالية تحولاً في استراتيجيات التلاعب بالانتخابات، حيث يتجه البعض نحو منع التصويت في دوائر معينة، مما يضع آليات الحماية القانونية والرقابية تحت الاختبار.

التلاعب الانتخابي وحماية الديمقراطية

في هذا السياق، حذر الخبير الانتخابي سليمان الجميلي من معلومات تفيد بقيام جهات مشبوهة بشراء بطاقات الناخبين في مناطق محددة، بهدف حرمان المواطنين من التصويت لصالح أطراف سياسية معينة. تعتبر هذه الممارسات تهديداً خطيراً للنزاهة الانتخابية والديمقراطية. وتؤكد الوثائق أن الهدف من شراء البطاقة لم يعد مقتصراً على استغلال الصوت بل تجريده من حقه، مما يستدعي تعزيز أدوات الرقابة لحماية حيازة البطاقة ذاتها.

تشير المعلومات الأولية إلى وجود نمط اقتصادي منظم خلف هذه العمليات، حيث يعمل وسطاء محليون بآليات متعلقة بالتسويق، مُعتمدين على تمويل منظم في دوائر معينة. كما أفاد الجميلي بأن بعض الوسطاء يعرضون مبالغ مالية للحصول على بطاقات الناخبين قبل موعد الاقتراع، مما يهدف إلى حرمان أصحاب هذه البطاقة من ممارسة حقهم الدستوري وبالتالي التأثير السلبي على نتائج الانتخابات لصالح جهات معينة. تعكس هذه الظاهرة أن هناك سوقاً فعلياً لهذه العمليات، مما يستدعي اتخاذ إجراءات استخبارية مالية متكاملة كما يتطلب تدخلاً أمنياً.

على الصعيد الأمني، سجلت الجهات المختصة عمليات ضبط واعتقالات في عدة محافظات، وأُحيل الملف إلى مسار القضائي بناءً على تحقيقات هيئة النزاهة. ومع ذلك، يؤكد الجميلي أن مواجهة هذه الظاهرة تحتاج إلى أكثر من مجرد إجراءات أمنية، مشيراً إلى أن هذه الأفعال تعتبر جرائم انتخابية تستلزم تدخل الجهات الرقابية بشكل فوري.

لذا، يجب على المجتمع التعامل مع هذه الممارسات كجرائم منظمة، مما يتيح فتح تحقيقات دقيقة تكشف العلاقة بين الوسطاء والجهات الممولة، ويعزز إمكانية استرداد أي مكاسب سياسية ناتجة عن تعطيل المشاركة الشعبية. لكن العقوبات القانونية وحدها لا تكفي، إذ يتطلب الأمر تعزيز الوعي المجتمعي والإعلامي في مواجهة هذه الممارسات. يبرز الجميلي أهمية رفع الوعي الانتخابي وتعزيز ثقافة المشاركة، إذ أن كل بطاقة تُباع تعني فرصة مفقودة للإصلاح، وكل مواطن معترض يمكن أن يصبح آلية رقابية محلية.

ختاماً، لا يمكن بناء المؤسسات الانتخابية على قواعد متينة دون إرادة تنفيذية تحمي حقوق الأفراد. وقد اختتم الجميلي بتحذير واضح حول ضرورة تفعيل الرقابة الميدانية والإعلامية على العملية الانتخابية، مع التشدد في العقوبات تجاه كل من يثبت تلاعبه بحقوق الناخبين أو شراء أصواتهم. إن حماية صوت المواطن هي الأساس لأي عملية ديمقراطية نزيهة، والتوصيات المطروحة تحتاج إلى تفعيل سريع، وإلا سيستمر سوق بطاقات الناخبين في العمل بدون قيود، مما يترك الانتخابات تحت رحمة من يملك ثمن الصمت.