قائد يضع بصمته: تعليم الميدان فنون القيادة

الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم وقائد المدينة

المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، كان قائدًا عاش تفاصيل مدينته بكل جوارحه. كان يعرف دبي كما يعرف الإنسان قلبه، يسير في الميناء ليعرف أحوال التجار، ويمر في الأحياء ليسأل عن الناس، ويجلس في المجلس ليصغي ويناقش، ويأخذ بالرأي الصائب.

روح الميدان في القيادة

كانت الميدان مدرسته الأولى التي تشكلت من خلالها رؤيته، حيث أُنشئت قراراته. أحب أن يرى بعينه، ويستمع بأذنه، ويشعر بيده أثر كل خطوة في طريق التنمية. لذا كانت قراراته مستمدة من حضور دائم، ومتابعة دقيقة، ومشورة واسعة.

اعتمد في حكمه على الناس وجعل المجلس مساحة للحوار، يتبادل فيه الأفكار مع رجالات دبي وأهلها، يستمع ويوازن، ثم يختار الأجود للوطن. لذلك كانت قراراته تنبض بالحكمة، لأنها جاءت من نبض الناس أنفسهم.

قربه من المجتمع لم يكن واجباً وظيفياً، بل كان قيمة في حد ذاته. اعتقد أن القائد الحقيقي هو من يعيش بين الناس، يعرف آمالهم وآلامهم، ويشعر بمسؤولية خدمتهم قبل أي شيء آخر.

استمر هذا النهج مع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الذي حافظ على روح الميدان، وتابع التفاصيل بنفسه، وجعل من الميدان مكتبه الأكبر، محاطًا بالحضور والمتابعة والتواضع، مؤمنًا بأن الميدان هو مصدر القوة والصدق في القيادة.

رحم الله الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، باني دبي الحديثة وملهم أجيالها، فقد صاغ من دبي نموذجاً لمدينةٍ نشأت من الميدان، ونمت بالإنصات، وازدهرت بالعمل، وظلت وفيةً لمبادئ قائدٍ آمن بالإنسان قبل البنيان.