جريدة الرياض: تعزيز المحتوى المحلي في قطاع النفط والغاز لتحقيق التنمية المستدامة

د. ماجد بن ثامر آل سعود

رفع المحتوى المحلي في قطاع النفط والغاز

تسعى رؤية المملكة العربية السعودية 2030 إلى توسيع القاعدة الاقتصادية وتقليل الاعتماد على الموارد النفطية من خلال تعزيز المحتوى المحلي. ويعتبر رفع نسبة المحتوى المحلي في قطاع النفط والغاز من 40% إلى 75% جزءًا أساسيًا من هذه الرؤية، حيث يمثل خطوة استراتيجية نحو اقتصاد أكثر استدامة وقوة يعتمد على الإمكانات المحلية.

زيادة الاعتماد على القدرات الوطنية

تحقيق هذا الهدف يعني أن جزءًا كبيرًا من العمليات المرتبطة بالإنتاج والنقل والصيانة سيعتمد على الشركات المحلية أو شراكات وطنية، مما يسهم في خلق فرص عمل جديدة وزيادة الناتج المحلي الإجمالي. ومن ضمن المبادرات التي تبنتها المملكة لتحقيق هذا الهدف هو برنامج تعزيز القيمة المضافة لقطاع التوريد (اكتفاء) الذي أطلقته أرامكو في 2015، والذي يشجع الشركات الأجنبية على الاستثمار محليًا وزيادة المعرفة التكنولوجية في المملكة.

خلال السنوات الماضية، استطاعت أرامكو تحقيق نتائج ملموسة في زيادة المحتوى المحلي في مشترياتها، حيث بلغت هذه النسبة نحو 67% في عام 2025، مقارنة بـ35% عند بداية البرنامج. تسير المملكة بخطوات ثابتة نحو تحقيق هدف 75% بحلول العام 2030، مما يعكس جدية الحكومة في ترسيخ الاعتماد على الإمكانيات المحلية وتوطين موارد الطاقة.

من المؤكد أن هذا الهدف يعزز توازن الاعتماد على النفط كركيزة اقتصادية مع تطوير القدرات المحلية. الهدف ليس فقط تصدير النفط الخام، بل استخدامه كداعم لتطوير صناعات وطنية محلية تزيد من القيمة المضافة. إن الاستمرار في تدريب وتأهيل الكوادر البشرية الوطنية هو مفتاح نجاح هذا التحول، إذ إن الإنسان هو العنصر الأهم في إدارة الموارد ونقل التكنولوجيا بكفاءة، ويجب على الحكومة دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتكون جزءًا من هذه الرؤية.

كما يجب أن يُنظر إلى رفع المحتوى المحلي كوسيلة لترسيخ السيادة التقنية وضمان أمن الإمدادات. الاعتماد على الإنتاج الوطني يقلل من المخاطر الناتجة عن تقلبات السوق العالمية ويزيد من القدرة التنافسية للمملكة في الأسواق الدولية.

الوزارات تلعب دورًا محوريًا في هذا الجهد؛ فوزارة الطاقة تقوم بوضع الأطر والسياسات التي تشجع على الاستثمار المحلي، بينما تعمل وزارة الصناعة والثروة المعدنية على تطوير البنية التحتية للقطاعات المرتبطة بالطاقة. تمتلك وزارة الموارد البشرية دورًا في تأهيل الكوادر اللازمة لهذا التحول، ويسهم صندوق التنمية الصناعية في توفير الموارد اللازمة لتحفيز الشركات على التوطين والإنتاج المحلي.

في الختام، يمثل رفع المحتوى المحلي في قطاع النفط والغاز من 40% إلى 75% تحولًا نوعيًا للاقتصاد السعودي. إنها خطوة نحو بناء قاعدة صناعية قوية تتمكن من المنافسة عالميًا وتعزيز الأمن الاقتصادي، مع توفير فرص العمل للمواطنين. مع استمرار التنسيق بين القطاعين الحكومي والخاص، سيكون الوصول إلى هذا الهدف خطوة محورية نحو تحقيق اكتفاء ذاتي قوي وتعزيز مكانة المملكة كمركز اقتصادي رائد.