صندوق الاستثمارات العامة السعودي يطلق أول سندات خضراء باليورو في أوروبا

في خطوة نوعية تعكس تحول المملكة العربية السعودية نحو التمويل المستدام، أعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي (PIF) عن إصداره الأول من السندات الخضراء المقومة باليورو. هذا التحرك يعزز من مكانة المملكة في الأسواق المالية الأوروبية والعالمية، ويأتي ضمن استراتيجية الصندوق لتنويع أدوات التمويل ودعم تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030، والتي تهدف إلى الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2060.

التمويل الأخضر وأهداف رؤية السعودية 2030

طبقًا لوثيقة مصرفية حصلت عليها وكالة رويترز، فقد بدأ الصندوق بتنظيم هذا الإصدار بالتعاون مع بنوك كريدي أجريكول، وجيه بي مورجان، وسوسيتيه جنرال. سيتم طرح السندات على شريحتين بآجال 3 و7 سنوات، بما يتناسب مع ظروف السوق الأوروبية. ويستهدف هذا الطرح زيادة التمويل الأخضر وجذب المستثمرين الأوروبيين، في وقت تزايد فيه الاهتمام العالمي بالاستثمارات البيئية.

تحول استثماري في الأسواق الأوروبية

يملك صندوق الاستثمارات العامة أصولًا تقدر بنحو تريليون دولار، مما يجعله من أكبر صناديق الثروة السيادية بالعالم. الإصدارات السابقة له بالمقابل بالدولار حققت نجاحات كبيرة، ويعتبر هذا الإصدار الجديد خطوة متقدمة نحو توسيع قاعدة التمويل الأخضر وتنويع مصادر التمويل لدى الصندوق.

منذ دخوله سوق السندات الخضراء في أكتوبر 2022، أظهر الصندوق خطوات جريئة ناحية العالمية. فقد أطلق في ذلك العام أول إصدار من نوعه لصندوق سيادي باحتواء شريحة تمتد إلى 100 عام. وفي فبراير 2023، أصدر سندات خضراء بقيمة 5.5 مليار دولار، تجاوزت طلباتها 33 مليار دولار، مما يعكس ثقة السوق في استراتيجياته.

وفي ظل الرغبة المتزايدة للمستثمرين في الاقتصاد السعودي الأخضر، قامت المملكة أيضًا بإصدار سندات خضراء مقومة باليورو بقيمة 1.5 مليار يورو في فبراير 2025، ما يعكس طفرة اهتمام المستثمرين بهذا الشأن.

تسهم هذه الإصدارات في دعم مشاريع الطاقة المتجددة والنقل النظيف، وتعكس الالتزام الوطني لتحقيق أهداف رؤية السعودية 2030. ويشير المحللون إلى أن هذا الإطار يمثل نظاماً بيئياً متكاملاً يدعم التحول نحو اقتصاد منخفض الكربون.

تظهر البيانات أن السعودية أصبحت واحدة من أكثر الدول نشاطًا في مجال إصدارات الدين، مع جمع الصندوق 4 مليارات دولار من إصدار سندات في وقت سابق، بالإضافة إلى طلبات قوية على السندات خلال السنوات الماضية. الخبراء يرون أن هذا النجاح يعزز من مكانة المملكة في عالم التمويل العاملي.

التزام متجدد بالاستدامة

تفيد التطورات الأخيرة بأن التمويل الأخضر أصبح عنصرًا رئيسيًا في رؤية السعودية المستقبلية، مما يدل على سعي صندوق الاستثمارات العامة لتجسيد دوره كأداة سيادية فعالة في القيادات البيئية والمالية في المنطقة. وفي ظل الرؤية التي أعلنها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حول الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول 2060، تستمر المملكة في خطواتها الجادة نحو بيئة أكثر استدامة، مما يعزز من مركزها كقائد إقليمي وعالمي في التحول البيئي.