الزرع في ذاكرة الوقت: تجربة الدرعية
مع تميز طقس الرياض المعتدل، تبرز الدرعية كوجهة فريدة تحتضن عبق التاريخ، حيث يمتزج الماضي بالتجارب العائلية، لتشكل مكانًا يمزج بين التراث العريق ومتعة الاكتشاف وراحة البال. بالقرب من قلب العاصمة، يجد الزائر نفسه في عالم الدولة السعودية الأولى، مستعيدًا ملامحها، بينما تتنقل التفاصيل من الطين إلى النور، ومن القصص إلى الحياة اليومية.
جذور الفن والإبداع في الدرعية
تبدأ الرحلة في “جاكس” الدرعية، حيث تمتزج الفنون البصرية بالموسيقى والتجارب الإبداعية في فضاء يعكس الحيوية الثقافية. بينما يروي حي “السمحانية” سيرة الرياض القديمة بروح معاصرة تبرز جماليات العمارة النجدية وتفاصيلها الدقيقة. وعلى الضفة المقابلة، يقدم مطل “البجيري” مشهدًا يبقى في الذاكرة، يضم مطاعم ومقاهي عالمية في إطار تراثي أنيق، تتوج لحظة الغروب بإطلالة مدهشة على الوادي.
في خضم هذه الأجواء، تُقام فعالية “مطل البجيري” حتى 1 يناير 2026، حيث يُعاد إحياء تجربة البجيري عبر برامج ثقافية متنوعة، تتيح للزوار الانغماس في حكايات وأسلوب حياة الدولة السعودية الأولى. تنقسم الفعالية إلى أقسام مترابطة، يركز كل منها على جوانب هامة من تاريخ المكان، لتقدم تجربة سردية متكاملة تعيد إحياء الماضي بروح الحاضر.
تتجلى القصة في مجمع “الزلال” التراثي، وهو تحفة معمارية بطراز نجدي أصيل، يضم مطاعم ومقاهي متميزة تعكس أجواء دافئة تعبر عن روح المكان. وفي فصل الشتاء، تقدم الدرعية فرصة الاستمتاع بجولات مريحة في مناخ معتدل، يسهل التنقل بين أروقة الطريف والمواقع التراثية بعيدًا عن حر الصيف. ويبرز سحر العمارة النجدية في جمالية الضوء والظل الذي يغمر الممرات الطينية خاصة عند الشروق والغسق. تكتمل الرحلة بجلسات عائلية على ضفاف وادي حنيفة بمقاهي ومطاعم مطلة، ومسارات مظللة تقدم للعائلات لحظات هادئة تتناسب مع أجواء الشتاء الأصيلة.
لتجربة متوازنة، يبدأ اليوم بزيارة حي “الطريف” في الصباح الباكر عندما يكون الضوء مثاليًا والحركة هادئة، ويتبع ذلك الانضمام إلى جولة مرشدة تكشف عن تفاصيل المكان ومعالمه. يُخصص وقت للغداء أو القهوة في مطل البجيري مع إطلالاته الجميلة، ومع اقتراب المساء تستمر الجولة مع ارتداء معطف خفيف استعدادًا لنسمات الليل، وكاميرا لالتقاط جماليات العمارة تحت أضواء المساء.
في النهاية، تُنسج ذاكرة العائلة في الدرعية بخيوط من طين ونور، رحلة شتوية تجمع التراث بالأناقة، وتحتفي بالحاضر وتروي الماضي. إنها وجهة متناغمة تجمع بين الثقافة والمتعة والسكينة في مشهد يجسد التفاصيل الفريدة.

تعليقات