الانقسام الشيعي يعيد شبح التعطيل إلى السطح: استحقاقات ما بعد الانتخابات تهدد تشكيل الحكومة
تحديات تشكيل الحكومة العراقية بعد الانتخابات
مع انتهاء العملية الانتخابية، لا تنقضي التحديات عند صناديق الاقتراع، بل تبدأ مرحلة أكثر تعقيدًا تتعلق بتشكيل الحكومة واختيار رئيس الوزراء. لقد أظهرت التجربة العراقية منذ عام 2003 أن هذه المرحلة غالبًا ما تكون أكثر تعقيدًا من يوم الاقتراع، بسبب تعدد المصالح الحزبية والطائفية وغياب آليات واضحة للتوافق. وخلال السنوات الماضية، كانت الانقسامات داخل المكون السياسي الشيعي هي العامل الأساسي الذي يعطل تشكيل الحكومات ويؤدي إلى فراغات دستورية طويلة.
صعوبات اختيار رئيس الوزراء
في هذا السياق، أشار الباحث السياسي أثير الشرع إلى أن “الانقسام بين الأطراف السياسية الشيعية يمكن أن يعرقل عملية اختيار رئيس الوزراء وتشكيل حكومة جديدة”. وأكد أن البلاد تدخل مرحلة جديدة بالغة الأهمية بعد الانتخابات، وهي مرحلة قد تكون أكثر تعقيدًا مما قد يتصور البعض، لا سيما في ظل الانقسامات الحالية بين القوى السياسية الشيعية. وعلى الرغم من أن الدستور العراقي يحدد جدولا زمنيا لتشكيل الحكومة، فإن غياب التوافق بين القوى المهيمنة يعوق تنفيذ النصوص القانونية، مما يجعل المهام الرسمية مجرد إجراءات شكلية دون تأثير فعلي.
وأوضح الشرع أن تفاقم الخلافات داخل البيت السياسي الشيعي حول آلية ترشيح رئيس الوزراء وتوزيع المناصب السيادية يمكن أن تضع البلاد أمام تحديات سياسية حادة تؤخر تشكيل الحكومة، وتسبب حالة من التعطل السياسي قد تؤثر سلبًا على الأوضاع الأمنية والاقتصادية. إن تجربة الدول الأخرى تشير إلى أن تعطيل تشكيل الحكومة لا يسبب فقط إرباكًا في المشهد السياسي، بل قد يؤدي أيضًا إلى تأخير القرارات الاقتصادية وتقويض الاستقرار الأمني وسط صراع القوى على النفوذ.
وأشار الشرع إلى أن غياب التوافق بين الأطراف الرئيسية إلى جانب تصعيد الخطاب السياسي يعكسان عدم وجود رؤية وطنية مشتركة، إضافة إلى تغليب المصالح الفئوية على المصلحة العامة. وهذا يضعف ثقة المواطنين في العملية السياسية بشكل عام. فتشير الملاحظات الأكاديمية إلى أن الخطاب التصعيدي لا يعبر فقط عن خلافات سياسية عادية، بل يعكس انقسامًا عميقًا في الرؤى والبرامج، مما يجعل عملية التفاوض على الحكومة أشبه بمعركة لكسر الإرادات، بدلاً من كونها عملية ديمقراطية طبيعية.
واختتم الشرع بالقول إنه يجب ألا يتكرر السيناريو الذي أدى إلى فراغات دستورية وأزمات متكررة، فالشعب الذي عبر عن إرادته من خلال الاقتراع ينتظر حكومة قوية ومستقلة قادرة على مواجهة التحديات، وليس حكومة تتسم بالمحاصصة والضعف السياسي. تحلل الدراسات السياسية أن تجنب تكرار السيناريوهات السابقة يتطلب تعاونًا جماعيًا يتجاوز الاعتبارات الحزبية، لأن أي فشل في تشكيل حكومة قوية قد يؤدي إلى إعادة إنتاج الأزمات ويضعف ثقة المواطنين في العملية السياسية على المدى البعيد.
تعليقات