السوريون يستعدون لأول انتخابات برلمانية بعد عصر الأسد

تتجه الأنظار بعد غد الأحد نحو الداخل السوري حيث سيقوم السوريون بالتصويت في أول انتخابات برلمانية منذ انهيار نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024 لاختيار نوابهم في البرلمان. يُعتقد أن هذه الانتخابات تمثل نقطة تحول رئيسية في سياق المرحلة الانتقالية التي يقودها الرئيس أحمد الشرع، الذي أقر نظاماً انتخابياً مؤقتاً يمنح ثلثي مقاعد البرلمان للانتخاب غير المباشر عبر هيئات محلية، بينما يتم تعيين الثلث الآخر بقرار مباشر من الرئيس. تهدف هذه الانتخابات إلى تحقيق “تمثيل متوازن” يشمل النساء والأقليات.

الانتخابات البرلمانية وعدد المقاعد

يتكون مجلس الشعب السوري من حوالي 210 مقاعد، منها 131 مقعدًا سيُنتخب عبر الهيئات المحلية، بينما يُعَيَّن الرئيس 70 مقعدًا بشكل مباشر. وقد تقدم أكثر من 1,500 مرشح للانتخابات، بينهم حوالي 221 امرأة، مما يشكل 14٪ فقط. انطلقت الحملات الانتخابية رسميًا، في حين سيدخل البلاد في فترة الصمت الانتخابي عشية التصويت، غدًا السبت.

العملية الانتخابية والمناطق المعنية

ستُجرى الانتخابات في المناطق الواقعة تحت سلطة الحكومة الانتقالية، في حين تم تأجيل التصويت في محافظة السويداء التي تهيمن عليها الأقلية الدرزية، إضافة إلى مناطق سيطرة الإدارة الذاتية الكردية مثل الحسكة والرقة، وذلك بسبب التوترات الأمنية والخلافات السياسية. سيؤدي هذا التأجيل إلى ترك بعض المقاعد شاغرة حتى تتواجد الظروف المناسبة لإجراء التصويت.

يعتبر المراقبون أن إجراء الانتخابات بشكل سلس سيكون خطوة كبيرة نحو تحقيق الاستقرار السياسي والتشريعي. يمكن أن تُستغل نتائج الانتخابات كوسيلة تفاوضية لرفع العقوبات المفروضة على سورية واستعادة العلاقات مع المجتمع الدولي، إذا ظهرت العملية السياسية بجدية. كما تشكل هذه الانتخابات فرصة للتعافي الوطني من خلال إيجاد منصة سياسية تتيح الحوار والتوافق، وتجسد الإرادة الشعبية بجميع أطيافها. إن نجاح هذا المسار الانتخابي سيكون دليلاً على قدرة السوريين على تجاوز الانقسامات وإقامة مؤسسات ديمقراطية تعبر عن صوتهم، مما يساهم في بناء مستقبل حقيقي تشاركي.

لذا، فإن المشاركة الفعالة في هذا الاستحقاق الانتخابي تُعتبر واجبًا وطنيًا يتطلب من الجميع الانخراط فيه، حيث إن بناء سورية المستقبل لن يتأتي إلا من خلال إرادة شعبية تنبع من وعي سياسي عميق، تمهد الطريق لمجتمع ديمقراطي عادل يحترم الحقوق والحريات.

سيتحمل البرلمان الجديد مسؤولية إقرار التشريعات التي تهدف إلى إصلاح السياسات الاقتصادية التي خضعت لهيمنة الدولة لعقود، بالإضافة إلى التصديق على المعاهدات التي قد تعيد تشكيل التحالفات السياسية في سورية. وتجدر الإشارة إلى أنه سيتم التصويت لمجلس الشعب المؤلف من 210 أعضاء في جميع الدوائر الانتخابية، على الرغم من إعلان لجنة الانتخابات الشهر الماضي عن تأخير التصويت في ثلاث محافظات بسبب الأسباب الأمنية.