الشيخ الدكتور أسامة عبدالعظيم: إرث خالد في تاريخ الأزهر والدعوة

الشيخ الدكتور أسامة عبد العظيم

في الثالث من أكتوبر عام 2022، فقد الوسط العلمي والدعوي في مصر والعالم العربي أحد أبرز علماء الأزهر الشريف في العصر الحديث، الشيخ الدكتور أسامة عبدالعظيم، الذي ترك بصمة لا تطمس في علم أصول الفقه والدعوة الإسلامية.

العالم الجليل في أصول الفقه

الشيخ الدكتور أسامة عبدالعظيم لم يكن مجرد أستاذ في جامعة الأزهر، بل كان نموذجًا رائدًا يجمع بين عمق الفقه ونقاء الروح ورفعة الأخلاق. عاش حياته في كنف العلم والدعوة، حيث كان شخصية زاهدة، مربياً وناصحاً أميناً، مما جعله يبقى في قلوب طلابه ومحبيه حتى بعد رحيله.

وُلِد الشيخ أسامة عبدالعظيم في 25 يناير 1948 بحي الخليفة في القاهرة، في أسرة تجمع بين العلم والدين. كان والده الشيخ محمد عبدالعظيم حمزة حاصلاً على الدكتوراة في أصول الدين، وعمل إمامًا وخطيبًا ومدرسًا بوزارة الأوقاف. وكذلك كان خاله الدكتور عبدالصبور شاهين من رموز الفكر والدعوة في مصر.

درس في الأزهر الشريف، حيث التحق بكلية الشريعة والقانون في جامعة الأزهر بالقاهرة وتخرج عام 1969. لم يتوقف طموحه عند هذا الحد، بل حصل على الماجستير في أصول الفقه عام 1974، والدكتوراه بمرتبة الشرف الأولى عام 1983 بعد تحقيقه ودراسته لكتاب “التحرير لما في مناهج الأصول من المعقول والمنقول”.

تولى التعليم كمدرس لأصول الفقه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين في سبتمبر 1986، ثم أصبح أستاذًا مساعدًا في سبتمبر 1992، ثم أستاذاً في يونيو 1999. كما شغل رئاسة قسم الشريعة الإسلامية بالكلية من يوليو 1999 حتى يوليو 2008، وشارك في لجان ترقيات الأساتذة بجامعة الأزهر.

تمت تجربته في التدريس خارج البلاد أيضًا حين أعير إلى جامعة الكويت في عامي 1984 و1985. وقد كانت له مساهمات كبيرة في الإشراف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه، وشارك بفاعلية في المؤتمرات المحلية والدولية متحدثًا ومحاضرًا.

خلف الشيخ إرثًا علميًا حافلاً من المؤلفات والتحقيقات، تضمَّنت: “حجية قول الصحابي” و”التحرير لما في منهاج الأصول”، بالإضافة إلى العديد من الأبحاث التي ساهمت في إثراء الفكر الإسلامي.

تعلم الشيخ من كبار علماء الأزهر مثل الشيخ جاد الرب بن رمضان الملوي الملقب بـ”الشافعي الصغير”، وركز على أهمية الأزهر وضرورة تقدير علمائه. عُرف الشيخ بمسجده القريب من منطقة الإمام الشافعي، الذي كان مكانًا للعبادة والعلم، حيث كان يختتم القرآن الكريم في الصلوات الجهرية كل ثلاثة أيام.

توفي الشيخ الدكتور أسامة عبد العظيم بعد صراع طويل مع المرض، وتم تشييع جنازته في موكب مهيب حظي بحضور الآلاف، ليترك خلفه ذكرى خالدة بين طلابه ومحبيه، وأثرًا علميًا محفورًا في التاريخ.