مقهى نجيب محفوظ وسرّ الإلهام في مقهى سارتر: ملتقى الأفكار والفنون

تحويل مقهى ريش إلى فندق وبوتيك

تحويل موقع مقهى ريش إلى فندق وبوتيك يعد News غير معتاد، فهذا ليس مجرد مقهى عادي يقدم الشاي والقهوة والشيشة، بل هو مكان يحمل تاريخًا يمتد لأكثر من مائة عام، وكان من المفترض أن يُعتبر من المعالم الأثرية. لا أدري إن كانت هذه المسؤولية تقع على عاتق وزارة الآثار أو وزارة الثقافة، لكن الواضح أن مقهى ريش لم يتم التعامل معه وفق ما تتعامل به الدول التي تهتم بالحفاظ على رموزها الثقافية وأماكنها التاريخية. فهو تحفة معمارية تحمل في طياتها تاريخًا وثقافة وفنًا.

مقهى تاريخي وجذور ثقافيه

انتقلت ملكية مقهى ريش من مالك نمساوي إلى آخر يوناني، حتى استقرت مع مالك مصري يعرف جيدًا قيمة هذا المكان التاريخية والثقافية. مجدي عبد الملاك، الذي ورثه عن والده، أحب المكان كأنه يعيش قصة حب. كان يعرف أن ارتشاف نجيب محفوظ للقهوة خلال ندوته هو لحظة تاريخية. كان مطمئنًا أن قصيدة أمل دنقل التي كتبت على تلك المائدة ستخلد في الذاكرة الوطنية، وأن المسرحية التي نظمها نجيب سرور وسط الاكتئاب ستكون شاهدًا على معاناة المثقفين. لقد احتضنت جدران ريش صرخات وضحكات أحمد فؤاد نجم والأبنودي وبهاء طاهر وصلاح جاهين وإبراهيم عبد المجيد، وكذلك الجدل الإيديولوجي اليساري المصري.

هذا المقهى شهد الكثير من الأحداث التاريخية، كان مسرحًا لمظاهرات أدبية وسياسية، وشهد انطلاق مسيرة أم كلثوم الفنية، وغنت فيه أجيال من الفنانين الكبار. وقد جلست فيه شخصيات بارزة مثل صدام حسين وجمال عبد الناصر والسادات أثناء التحضير لثورة 52. كان هذا المكان محطة لتوثيق الأفكار، حيث حدثت إهداءات لأهم الكتب والروايات، ووضعت أساسات لأهم المجلات الثقافية في العالم العربي.

آمل أن تبقي شركة الإسماعيلية، التي انتقلت إليها ملكية المقهى، على المكان بحيث تقتبس من التجارب العالمية في كيفية التعامل مع المقاهي الثقافية. ماذا فعلت فرنسا مع مقاهيها التي احتضنت عمالقة الأدب؟ كيف أنشأت جوائز أدبية لمبدعيها؟ نأمل أن نتلقى نفس المعاملة الثقافية، بدلًا من الاستسلام لزيف النسيان الثقافي الذي يصيبنا.