80% من الأسماك نفقت في ذي قار: كارثة مائية تاريخية تهدد بالنزوح

أزمة المياه في ذي قار: تهديد للبيئة والمجتمع

يعاني العراق منذ عدة سنوات من أزمة مائية متزايدة نتيجة تداخل عدة عوامل طبيعية وبشرية، مثل تغيّر المناخ وندرة المياه القادمة من الدول المجاورة وسوء الإدارة. هذه الأزمة تحمل في طياتها تهديدات بيئية واجتماعية وقانونية، حيث يضمن الدستور العراقي حق المواطنين في الاستفادة من الموارد الطبيعية. ومع ذلك، فإن الفجوة الكبيرة بين النصوص القانونية والواقع الفعلي أدت إلى هشاشة الوضع المائي، وخصوصًا في محافظة ذي قار التي تعتبر من أكثر المناطق تضررًا، نظرًا اعتمادها الكبير على الأهوار والجداول المائية كمصادر للعيش.

التحديات البيئية والاجتماعية في المحافظة

أكد النائب عارف الحمامي أن معدلات نفوق الثروة السمكية في ذي قار وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، حيث تتعرض المحافظة لأزمة مائية شديدة تؤثر على جميع المناطق. الواقع الحالي يكشف أن الجفاف لم يعد مجرد حالة طارئة، بل أصبح واقعًا دائمًا يهدد الحياة البيئية والاجتماعية. وأوضح أن الأرياف والأهوار الأكثر تضررًا، حيث أفادت التقارير بأن أكثر من 30 منطقة تواجه وضعًا حرجًا بسبب آثار الجفاف، مما أدى إلى نفوق حوالي 80% من الثروة السمكية. هذا الوضع يتطلب استجابة عاجلة من السلطات المختصة، خاصةً وأن تراجع مساحات الأهوار وزيادة ملوحة المياه يزيد من تفاقم الأزمة، ما يهدد بقاء الأسماك ويعيق استدامة الحياة في تلك المناطق.

نوه الحمامي إلى أن المنطقة تحتاج إلى تعديل في سياسات الإطلاقات المائية لمواجهة هذه الكارثة البيئية، مشيرًا إلى أن الوضع المائي الحالي يهدد الاستقرار الاجتماعي، وقد يؤدي إلى نزوح جماعي من المناطق المتضررة. تشير الأبحاث إلى أن نوعية المياه في ذي قار تتدهور بشكل ملحوظ، مع زيادة ملوحتها والملوثات بها، فضلاً عن تراجع مساحة الأهوار إلى ما دون 25%. كل هذه العوامل تُنذر بنتائج كارثية تؤثر على الحقوق البيئية والعيش الكريم للمواطنين.

يعاني قطاع إدارة المياه في العراق من عدم التنسيق بين الوزارات، مما يعيق فعالية الاستجابة للأزمة. وأكد الخبراء أن غياب التشريعات اللازمة يجعل الموارد المائية عرضة للنزاع بدلاً من التخطيط المدروس. وقد يصبح نفوق الثروة السمكية مؤشرًا على عدم قدرة الدولة على حماية موارد المواطنين، مما قد يدفع المجتمعات المحلية للتعبير عن احتجاجاتهم بشكل أكثر حدة.

وفي الختام، فإن ما يحدث في ذي قار هو أكثر من مجرد نفوق للأسماك، بل هو إنذار بوجود أزمة شاملة تهدد النظام البيئي والاجتماعي. تتطلب الاستجابة الفعّالة لهذه الأزمة اتخاذ إجراءات عاجلة، بدءًا من تحسين الإطلاقات المائية وإصلاح شبكات الري، إلى معالجة التلوث والمشاركة الفعالة للمجتمعات المحلية في اتخاذ القرار. هذه الأزمة ليست مجرد مشكلة تقنية، بل هي أيضًا قضية دستورية وسياسية تؤثر على استقرار المجتمع والدولة بشكل عام.