جيل Z وتأثيراته في العراق
يعرف جيل Z بأنه الجيل الذي وُلد تقريبًا بين عامي 1997 و2012، وقد نشأ في زمن العولمة الرقمية والتواصل الفوري. يتميز هذا الجيل عالميًا بقدرته على استخدام التكنولوجيا كجزء من حياته اليومية، واعتماده على المنصات الرقمية للتعبير عن آرائه والدعوة للتغيير، مدفوعًا برغبة قوية في العدالة الاجتماعية والشفافية. يعتبر البحث الأكاديمي أن جيل Z يبدي ثقة أقل تجاه المؤسسات التقليدية، ويعبر عن انفتاح أكبر على البدائل الرقمية والحركات غير التقليدية.
الشباب العراقي وتحديات المستقبل
في العراق، يكتسب الموضوع بعدًا أكثر عمقًا، حيث تشير التقديرات إلى أن الشباب دون سن الثلاثين يمثلون أكثر من نصف سكان البلاد، مما يجعل جيل Z هو القوة البارزة على الصعيدين العددي والسياسي. ومع ذلك، فإن النظام السياسي الذي أنشئ بعد عام 2003 لم يستطع دمج هؤلاء الشباب في عملية صنع القرار، على الرغم من نصوص الدستور العراقي التي تضمن الحق في المشاركة السياسية وحرية التعبير. تبين المداولات الدستورية أن هذه الحقوق لم تتحقق بشكل فعلي، مما أدى إلى تمثيل ضعيف للشباب في البرلمان والأحزاب، حيث كان دورهم في الغالب مقتصرًا على الاحتجاجات بدلاً من المشاركة الفعلية في المؤسسات.
أشار الباحث في الشأن الاجتماعي، فالح القريشي، إلى أن جيل Z في العراق يمثل فئة ديناميكية وحيوية، حيث تفتح وعيه في فترة تشهد تحولات تكنولوجية كبيرة، متزامناً مع ظروف اقتصادية وسياسية معقدة. وتتوافق هذه الرؤية مع البيانات الميدانية التي تظهر أن الشباب العراقي يواجه ازدواجية حادة؛ حيث يتمكنون من الانفتاح على العالم من خلال الوسائل الرقمية، لكنهم يعانون من انسداد داخلي في مجالات الاقتصاد والسياسة. إن هذا الانسداد يؤثر سلبًا على الثقة بالعقد الاجتماعي ويخرج الجيل الجديد من معادلة الثقة بالدولة.
لقد أضاف القريشي أن جيل Z يتميز بالقدرة على الوصول السريع للمعلومات والتعبير القوي عن الآراء، فضلًا عن قدرتهم على تنظيم الحشود الافتراضية والواقعية بفعالية في أوقات قصيرة، مما يجعلهم أكثر استعدادًا للاحتجاج إذا شعروا بالتهميش. هذا السلوك يتجلى في التجارب العالمية، مثل نيبال وبنغلاديش، حيث كانت ردود فعل جيل Z على القرارات الحكومية كفيلة بإحداث تغييرات عميقة في النظام.
في نهاية المطاف، دعا القريشي إلى ضرورة إقامة حوار حقيقي مع جيل Z، يتجاوز الأساليب التقليدية، من خلال توفير فرص عمل مناسبة وتعزيز مشاركتهم في اتخاذ القرار، وتطوير الجوانب التعليمية والتدريبية بما يتواءم مع احتياجات سوق العمل. إن إدماج هذا الجيل من خلال الإصلاحات والتواصل الفعّال لم يعد خيارًا بل أصبح ضرورة ملحة لضمان استقرار الدولة العراقية.

تعليقات