هادي بن شرجاب: السعودي الباكستاني والباكستاني السعودي

العلاقات العسكرية السعودية الباكستانية

تعتبر العلاقات بين المملكة العربية السعودية وباكستان نموذجاً فريداً في مجال الشراكات العسكرية والأمنية. هذه العلاقة تتجاوز مجرد التعاون التقليدي لتشكل تحالفاً استراتيجياً عميق الجذور، تم تأسيسه على أساس من الثقة المتبادلة والتوافق في المواقف تجاه التحديات الإقليمية والدولية. على مر العقود، كان التعاون العسكري بين البلدين محور هذه العلاقة، حيث تم تنفيذ تدريبات مشتركة، تبادل الخبرات، وتوقيع صفقات تسليح متنوعة. يظهر هذا التعاون كيف أن الأمن في الرياض وإسلام آباد مترابطان بشكل وثيق، مما يعكس فهم القيادتين لضرورة تعزيز هذا الرباط.

الشراكة الدفاعية

في خطوة تاريخية، أبرم صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء اتفاقية دفاع استراتيجية مشتركة مع رئيس وزراء باكستان شهباز شريف. تركزت بنود هذه الاتفاقية على أن أي اعتداء على أحد البلدين يعتبر اعتداء على الآخر، مما يعزز مبدأ المصير المشترك. كما اشتملت الاتفاقية على تطوير التعاون الدفاعي وتعزيز الردع ضد أي تهديدات، ودعم الجهود الرامية لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم. هذه الاتفاقية تمثل إعلاناً أمام المجتمع الدولي بأن الرياض وإسلام آباد يشكلان تحالفاً دفاعياً متكاملاً، يتجاوز نطاق التعاون التقليدي إلى التزام استراتيجي حقيقي.

من أبرز المحطات التاريخية التي تدل على عمق هذا التحالف، زيارة الأمير سلطان بن عبدالعزيز – رحمه الله – للمفاعل النووي الباكستاني، لتكون هذه الزيارة الأولى من نوعها لشخصية رفيعة المستوى. هذه الزيارة تجسد الثقة بين البلدين وتؤكد على مكانة المملكة كشريك استراتيجي لباكستان في المجال الأمني والعسكري.

تجاوز التعاون العسكري الحدود الرسمية للاتفاقيات، حيث أُقيمت مناورات ميدانية مشتركة، أبرزها مناورات الصمصام التي أظهرت تكاملاً عالياً بين القوات البرية. إضافة إلى ذلك، شاركت القوات الجوية الباكستانية في تدريبات داخل المملكة لتعزيز القدرة على التعامل مع مختلف السيناريوهات.

علاوة على ذلك، استضافت الكليات العسكرية السعودية عدداً كبيراً من الضباط الباكستانيين لتأهيلهم عسكرياً، بينما كان للخبراء الباكستانيين دور وافر في مجال الدفاع الجوي والهندسة العسكرية، مما أدى إلى بناء قاعدة قوية للتعاون في مجالات الدفاع. إن هذا التحالف لا يستهدف أي طرف معين، بل إن هدفه يكمن في توحيد الجهود لحماية أمن البلدين.

مع تواصل التآزر في القوة الاقتصادية والسياسية للمملكة، والقدرات العسكرية والنووية لباكستان، يتعزز دور هذا التحالف كدعامة لاستقرار المنطقة. إن العلاقات العسكرية بين السعودية وباكستان تمثل خيارًا استراتيجيًا متجذرًا، تتمتع بالاستمرارية والقوة، مشيرة إلى أن الرياض وإسلام آباد تكتبان سوياً فصلاً جديداً في معادلة الأمن الإقليمي والدولي.