التحولات الجيوسياسية: تأثير الاتفاق السعودي – الباكستاني على الساحة الإقليمية

الاتفاق الدفاعي بين السعودية وباكستان

وقعت المملكة العربية السعودية وباكستان اتفاقية دفاع عسكري مشترك، وهذا الحدث الذي تم منذ حوالي أسبوعين يعد مؤشراً على طبيعة الأسلحة المطلوبة في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك نوعية الاتفاقيات الدفاعية التي قد يتم إبرامها مع دول ثالثة بعيداً عن الهيمنة الغربية. تم توقيع الاتفاقية في 17 سبتمبر/أيلول 2023، في العاصمة الرياض بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف. تتضمن الاتفاقية أن أي اعتداء على أحد البلدين يُعتبر اعتداءً على الآخر، مما يتطلب دفاعاً مشتركاً، أي الدخول في حرب ضد المعتدي. كما تعزز الاتفاقية التعاون الدفاعي بين البلدين وتعمل على زيادة الردع المشترك ضد أي تهديد أو اعتداء.

الشراكة العسكرية

تعتبر هذه الاتفاقية خطوة براغماتية وعسكرية هامة اتخذتها المملكة العربية السعودية منذ عقود، على الرغم من الظروف التي كانت تعيق هذه الخطوات في الماضي بسبب محدودية القدرات العسكرية الباكستانية حينها. يظهر السبب في ذلك من خلال نقطة مهمة، وهي أن السعودية تحالفت مع دولة تُشاركها في مصدر الخطر الإقليمي، وهو إسرائيل التي تعتبرها الرياض وإسلام آباد عدواً مشتركاً، نتيجةً للسياسات التوسعية التي تنتهجها والتي اتضحت في حروب الإبادة ضد الفلسطينيين.

ومن جهة أخرى، فإن اتفاقية الدفاع السعودية مع الولايات المتحدة تعتبر غير فعالة في مواجهة التهديدات الحقيقية التي تواجهها المملكة، حيث إن الخطر الأساسي هو إسرائيل، وليس روسيا أو الصين. وبالتالي، سيكون مصدر الخطر المشترك هو العامل الرئيسي عند توقيع اتفاقيات دفاع جديدة بين دول الشرق الأوسط في المستقبل.

هذا التعاون العسكري يُشير أيضاً إلى ضرورة البحث عن ترتيبات أمنية بديلة من قبل دول المنطقة، الأمر الذي قد يؤثر على النفوذ الأمريكي ويجعل تلك الدول تتجه نحو شراكات مع باكستان وتركيا وربما إيران. وأخيراً، يُعتبر اعتماد السعودية على الدفاع النووي الباكستاني نقطة جاذبة للجدل، حيث تعزز من موقفها في مواجهة المخاطر العسكرية المحتملة. قد تُجبر هذه الديناميكيات الدول الأخرى في المنطقة على التفكير في تعزيز قدراتها العسكرية، مما قد يؤدي إلى تغييرات جيوسياسية جذرية في أنماط التسلح.