الصين والسعودية تُرسّخان معايير جديدة في حوكمة المناخ العالمية

الصين والسعودية: خطوة جديدة نحو حوكمة المناخ العالمية

في الخامس والعشرين من سبتمبر، ألقى الرئيس الصيني شي جين بينغ كلمة أمام قمة الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، حيث أعلن عن مجموعة جديدة من الالتزامات الوطنية التي تتعلق بتقليص انبعاثات الغازات الدفيئة. وتهدف الصين إلى تقليل صافي انبعاثاتها بحلول عام 2035 بنسبة تتراوح بين 7% و10% مقارنة بذروتها، مع التركيز على تحقيق نتائج أفضل. كما ستتجاوز نسبة استهلاك الطاقة غير الأحفورية 30% من إجمالي استهلاك الطاقة، وتمتلك الصين خطة للوصول إلى قدرة مركبة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية تفوق ستة أضعاف ما كانت عليه في عام 2020، مما يمكن أن يصل إلى 3.6 مليار كيلوواط.

التعاون الثنائي والدور المحوري للسعودية

في عام 2020، احتلت الصين والسعودية المرتبتين الأولى والتاسعة على مستوى العالم في الانبعاثات الكربونية. وبالرغم من الفارق الضخم في حجم الاقتصاد بين البلدين، تبقى السعودية، مثل الصين، لاعباً رئيسياً في مجال حوكمة المناخ العالمية. تأتي الحاجة الملحة للانتقال إلى اقتصاد أخضر كدافع قوي للتعاون بينهما في مواجهة تحديات تغير المناخ. وقد بدأ هذا التعاون في اتخاذ شكل مشاريع متعددة في مجال الطاقة المتجددة.

في عام 2016، وقعت الصين والسعودية مذكرة تفاهم حول التعاون في مشروع مفاعل نووي عالي الحرارة. وفي عام 2019، استثمر صندوق طريق الحرير الصيني في شركة أكوا باور السعودية، مما يعكس اهتمام الطرفين في تعزيز شراكتهما في مجالات الطاقة المتجددة. كما حصلت مجموعة قوزوبا التابعة لشركة الطاقة الصينية على عقد إنشاء محطة طاقة كهروضوئية بسعة 1500 ميغاواط.

واصلت الجهود بين الطرفين، حيث حصلت شركة البناء الثالثة التابعة لشركة شاندونغ إلكتريك باور على عقد لمشروع بنية تحتية في البحر الأحمر، بينما شهد العام ذاته فوز كونسورتيوم بقيادة شركة “جينكو باور (هونغ كونغ)” بعقد مشروع للطاقة الشمسية.

من جهة أخرى، ولتطوير القدرات التكنولوجية والكادر البشري في السعودية، أنشأت شركة أرامكو مركزًا للبحث والتطوير في بكين بالتعاون مع جامعة تسينغهوا. كما تم إنشاء مركز التدريب الصيني-العربي للطاقة النظيفة في عام 2018، مما يعكس التزام الطرفين برفع مستوى التعاون الأكاديمي والتطبيقي في هذا المجال.

وفي ظل رؤية 2030، يتطلع البلدان إلى تنويع مسارات التعاون في مجالات الطاقة الجديدة. فقد شاركت الشركات الصينية في مناقصات لمشاريع في مدينة “نيوم” الجديدة، كما تم توقيع مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في مجالات الهيدروجين واحتجاز الكربون. إن التعاون بين الصين والسعودية لا يعكس فقط التوجه لتحقيق الأهداف البيئية، بل أيضًا نموذجًا يحتذى به للدول الأخرى ذات الظروف المماثلة.

في المستقبل، يتوقع أن تشهد السعودية مشاريع جديدة تتعلق بالسيارات الكهربائية والطاقة الشمسية على غرار التعاون القائم بين الصين والسعودية. سيُثري هذا التعاون الإطار العام لتحقيق أهداف التنمية المستدامة ويعزز من قوة العلاقة في المفاوضات المتعلقة بالمناخ على الصعيد العالمي، مما يمثل تقدمًا كبيرًا نحو نظام طاقة أكثر استراتيجية وكفاءة.