دراسة أمريكية: تأثيرات التوتر في الطفولة تهدد الصحة في مراحل البلوغ

التوتر المزمن وتأثيره على صحة الأطفال

كشفت دراسة حديثة من جامعة ديوك في الولايات المتحدة عن وجود علاقة قوية بين التوتر المزمن الذي يعاني منه الأطفال في أعمار 9 إلى 11 عاماً وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والاضطرابات الأيضية، مثل السكري وارتفاع ضغط الدم، خلال مرحلة البلوغ.

الآثار الصحية لبيئة الضغط العالي

استندت الدراسة المنشورة في مجلة «وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم» إلى تحليل بيانات طويلة الأمد تم جمعها من آلاف الأطفال بواسطة مقاييس صحية موثوقة، مما يعد تقدماً كبيراً في فهم العلاقة بين الضغوط النفسية المبكرة والصحة على المدى الطويل.

تشير نتائج البحث إلى أن الأطفال الذين يتعرضون لمستويات مرتفعة من التوتر، سواء نتيجة ظروف منزلية صعبة، ضغط أكاديمي، أو تحديات اجتماعية، يظهرون تغييرات بيولوجية تؤدي إلى التهابات مزمنة واضطرابات في التمثيل الغذائي بمرور الزمن. استخدم الباحثون تقنيات قياس دقيقة مثل تحليل الدم لتحديد مستويات الكورتيزول، وهو هرمون التوتر، بالإضافة إلى مؤشرات الالتهاب، مما يؤكد أن التعرض المبكر للضغوط يمكن أن يضع الأطفال على مسار مرضي يمتد لعقود.

أوضح الدكتور كانيث دودج، مدير مركز البحوث التطورية في جامعة ديوك، أن هذه النتائج تعكس أهمية التدخل المبكر لتقليل الضغوط على الأطفال، معتبراً أن البحث يفتح آفاقاً جديدة لتطوير استراتيجيات وقائية قد تساعد في إنقاذ الأجيال القادمة من الأمراض المزمنة. وأوصت الدراسة بضرورة توفير برامج دعم نفسي في المنازل والمدارس، مثل جلسات الاسترخاء وممارسة الرياضة، إلى جانب ضرورة وجود سياسات حكومية لتحسين البيئة المعيشية. في نفس الوقت، حذر الخبراء من أن هذه المخاطر قد تزداد في ظل الضغوط النفسية العالمية المتزايدة، خصوصاً بعد تأثير جائحة كورونا التي ساهمت في تفاقم المشكلات النفسية بين الأطفال بنسبة تصل إلى 30% وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.

تعود أهمية دراسة تأثير التوتر المزمن على الأطفال إلى الأبحاث النفسية والطبية التي بدأت في القرن العشرين، إلا أن الدراسة الحالية من جامعة ديوك تضيف بُعدًا جديدًا من خلال تتبع صحة الأفراد على مدار سنوات. يرتبط التوتر المزمن، الناجم عن الفقر أو العنف الأسري أو الضغط الأكاديمي، بزيادة إفراز الكورتيزول بشكل غير طبيعي، مما يؤدي إلى التهاب مزمن يضر بالشرايين ويزيد من احتمال الإصابة بأمراض القلب، والتي تودي بحياة أكثر من 17 مليون شخص سنوياً على الصعيد العالمي، إضافة إلى مرض السكري من النوع 2 الذي يعاني منه 463 مليون مريض حول العالم. وتظهر الإحصائيات أن حوالي 1 من كل 5 أطفال في الولايات المتحدة يعاني من القلق المزمن، وهي نسبة ارتفعت بنسبة 20% منذ عام 2020 بسبب تبعات الجائحة.