التعليم أساس بناء حضرموت
تعيش محافظة حضرموت مرحلة دقيقة وحساسة تتسم بتحديات معقدة تؤثر على الخدمات الأساسية التي يحتاجها المواطن في حياته اليومية، من الصحة إلى الكهرباء، ومروراً بتوقيت صرف المرتبات وتوفير المياه النقية والحفاظ على البيئة، وصولاً إلى التعليم، الذي يُعتبر حجر الزاوية في بناء الإنسان والمجتمع.
التعليم كحق إنساني
إنّ تعليق التعليم الحالي نتيجة المطالبات بحقوق المعلمين يزيد من حدة المعاناة ويشكل تهديداً لمستقبل أبنائنا وبناتنا الذين يعتبرون التعليم حقاً أساسياً لا ينبغي أن يكون موضوعاً للتجاربات السياسية. لذلك، أوجه هذا النداء إلى السلطة المحلية وإلى المعلمين والمعلمات، مع وضع بعض النقاط الجوهرية أمام أعينكم.
أولاً، أي تدخُّل يؤثّر على العملية التعليمية يُعتبر جريمة بحق الأجيال القادمة، إذ لا يعقل أن يُحرَم أبناؤنا من حقهم في التعلم بسبب نزاعات سياسية أو مماطلات. فالتعليم ليس قضية ثانوية، بل هو الأساس الذي يُساهم في بناء المجتمع، وأي تعطيل فيه يعني تعطيل مستقبل حضرموت.
ثانياً، نحن ندرك تماماً مدى المعاناة التي يواجهها المعلمون، ونؤمن بأن لهم حقوقاً مستحقة. إلاّ أن المطلوب الآن هو تقديم بعض التنازلات وفهم الظروف الصعبة التي تعاني منها البلاد، فالمصلحة العامة يجب أن تكون في المقدمة حتى لا يصبح أبناؤنا ضحايا.
ثالثاً، يتوجب على جميع الأطراف أن تفهم أن المطالب الحقوقية لا ينبغي استخدامها كأداة للمزايدات السياسية من قبل الأحزاب أو الأطراف المتنازعة. فالتعليم يجب أن يظل بعيداً عن أي توظيف سياسي، فهو قضية وطنية لا تقبل العبث.
رابعاً، يجب على السلطة المحلية أن تتحمل مسؤوليتها الكاملة تجاه المعلمين، من خلال اتخاذ خطوات فعلية لتحسين أوضاعهم المعيشية، حتى لو كان ذلك على حساب بعض المشاريع الثانوية في هذه الظروف الصعبة، إذ يجب أن يكون المعلم هو محور الاهتمام.
خامساً، نطالب السلطة المحلية بأن تتبنى خطاباً إعلامياً وتربوياً مسؤولاً يتوجه للمعلمين بروح من المسؤولية ويُطمئنهم بخطوات واضحة بعيدة عن المناكفات، إذ أن الكلمة الصادقة تبني الثقة وتفتح أبواب الحلول.
سادساً، من المهم أن تلتزم جميع الجهات بتنفيذ ما جاء في هذه المبادرة وتجنب الكلام التحريضي الذي لا يخدم إلا من يتربص بمستقبل أبنائنا، فحضرموت يجب أن تكون مثالاً للتماسك الاجتماعي.
سابعاً، يجب التذكير بأن فكرة التعاقدات وُجدت في ظروف قاسية بعد تحرير المكلا عام 2016، حيث كان راتب المتعاقدين يتراوح آنذاك بما يعادل 600 ريال سعودي، وأصبحت حضرموت تُعبر عن نجاحها في استمرارية التعليم حينها. لذا، فإن قرار فصل المتعاقدين هو قرار غير مقبول.
في النهاية، أرفع هذا النداء بدافع المحبة والوفاء للأرض وأهلها، فحضرموت تستحق أن تكون حرة من الصراعات والعبث. وقد أثبتت مبادراتها الوطنية، كإنشاء صندوق التعليم، أنها رائدة في مواجهة التحديات التعليمية. إنني أدعو جميع المعنيين للحفاظ على التعليم كحق أساسي وصون مستقبل أبنائنا وبناتنا.
حضرموت ستبقى نموذجاً للتماسك والعطاء، ولن ينجح أحد في زعزعة استقرارها أو التلاعب بمصير أجيالها.

تعليقات