حزب الله يستعرض قوته ولبنان يواجه خطر الانفجار
في ظل التوترات الحالية في لبنان، يواصل الأمين العام لـ”حزب الله”، نعيم قاسم، تقديم خطابات مليئة بالشعارات التقليدية حول “المقاومة” و”الجهوزية الدائمة” و”الإبقاء على السلاح”، بالرغم من تزايد الأزمات الداخلية وضرورة مواجهة استحقاقات مصيرية تهدد كيان الدولة نفسها. يبدو أن قاسم يعيش في عالم مغاير تمامًا عن اللبنانيين الذين يسعون نحو الاستقرار والأمل في مستقبل أفضل.
خطاب قاسم، الذي ألقاه اليوم (السبت)، يأتي في سياق استحضار أجواء الحرب، في وقت يعاني فيه لبنان من أزماته المتفاقمة. إصراره على الحديث عن “التعافي الجهادي” و”إعادة ترميم المنازل” و”الوجود السياسي” لا يعدو كونه محاولة لتجميل صورة حزب متورط في صراعات إقليمية تفوق طاقته، مصرًا على ربط مصير لبنان بقرارات تتخذ خارج حدوده. من المثير للقلق أن قاسماً أطلق هذا الخطاب بالتزامن مع تحليق طائرات مسيرة إسرائيلية فوق العاصمة، مما يكشف عن خطورة الاستهتار بتحويل لبنان إلى ساحة مفتوحة لصراع إقليمي.
الأمر الأكثر خطورة هو تأكيد قاسم على استمرار “حمل السلاح”، وهو تصريح يكشف عن زيف ادعاءات الحزب حول التزامه بمؤسسات الدولة. في الوقت الذي تطلب فيه الحكومة اللبنانية مهلة معينة لمعالجة ملف نزع السلاح غير الشرعي، يخرج “حزب الله” مصرحًا بالتحدي، مما يدمر أي إمكانية لبناء دولة مؤسسات حقيقية. كيف يمكن للحكومة أن تسعى للحصول على دعم دولي لإعادة الإعمار في ظل وجود جناح عسكري غير قانوني يفرض رأيه بالقوة ويستحضر معارك تاريخية لا تصلح إلا للاستخدام السياسي المذهبي؟
إن التأكيد على ربط الوحدة الوطنية اللبنانية بالمقاومة فقط يعني اختصار الوطن بحزب واحد، مما يحوّل دور الجيش إلى مجرد تفصيل ثانوي. وعندما يتحدث قاسم عن “منع إسرائيل من التواجد في لبنان” أو عن “إطلاق الأسرى وإعادة الإعمار”، يتجاهل أن الدولة اللبنانية هي الجهة الوحيدة المخولة دستوريًا بإدارة هذه القضايا. بينما يُعتبر “حزب الله” جزءاً من المشكلة وليس الحل.
بعمق أكبر، يحمل خطاب قاسم دلالات سلبية تدل على غياب أي أفق لتعافي لبنان، مما ينذر بانتحار جماعي. إنه يؤكد أن الحزب لا يرى في لبنان وطنًا، بل فقط منصة لصواريخ وميدان لتنفيذ تجارب جديدة، متجاهلاً أن اللبنانيين لم يعودوا يتحملون الخطابات الوهمية حول الانتصارات والتضحيات غير المجدية. المرحلة القادمة ستختبر جدية الحكومة في نزع السلاح بطريقة فعالة وفي أوقات محددة، أو أن تتقبل واقع أن لبنان لا يزال رهينة لمشروع يتجاوز حدوده. أما صرخات قاسم حول “زمن الانتصارات”، فلن تغير من الحقيقة الواضحة: لا يمكن وجود دولة مع سلاح غير شرعي، ولا يمكن تحقيق السيادة مع حزب يختطف قرار الحرب والسلام.
استمرار السلاح وتأثيره على لبنان
إن الهواجس الإقليمية والدولية تلقي بظلالها على الوضع الداخلي في لبنان، مما يزيد من تعقيد المشهد. الصراعات السياسية والطائفية تعكس مستوى عميق من الانقسام والضعف، مما يجعل من الضروري توحيد الجهود نحو بناء دولة قوية تكون فيها المؤسسات مرجعيتها. على القوى السياسية أن تدرك أن الوقت حان للتحرك نحو إيجاد حلول واقعية بعيدة عن الشعارات الفارغة، فالمستقبل يستدعي مواءمة الأهداف لمصلحة لبنان وشعبه.

تعليقات