دمعة حزن على فراق شيخي: تأبين سماحة مفتي المملكة في صحيفة أحوال الإلكترونية

أثر فقدان العلماء في المجتمع

إن رحيل العلماء والمفكرين والمصلحين يُعتبر من أكبر الخسائر التي تؤثر على جميع أفراد المجتمع بصفة عامة وطلاب العلم بصفة خاصة. فغيابهم عن الساحة يحاكي انقطاع المطر عن الزرع، أو غياب الضوء عن السائرين في الظلام. يحتاج الناس دوماً إلى العلم، والعلماء هم قادة هذا العلم، فقد ورثوا ميراث النبوة كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
في صباح يوم الثلاثاء الأول من شهر ربيع الآخر من عام 1447 هجري، فقدنا سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء. إن رحيله يعد بمثابة خسارة جسيمة، ورحم الله الشيخ عبد العزيز وغفر له، وجعل قبره روضة من رياض الجنة. جزاه الله خيراً على ما قدمه في خدمة العلم وطلابه والإسلام بوجه عام.
سماحة الشيخ كان له مسيرة حافلة بالإنجازات، حيث تقلد العديد من المناصب الهامة ومنها مفتي المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء. يعد الشيخ عبد العزيز من الأعلام الذين لم يغفل التاريخ ذكرهم، فقد أمضى أكثر من ثلاثين عاماً في إلقاء المحاضرات أمام طلابه في منبر مسجد نمرة بعرفة.

أثر العلماء في بناء المجتمع

إن تسليط الضوء على شخصية الشيخ عبد العزيز ليس مجرد واجب، بل هو تكريم لذكرى رجل سعى في نشر العلم. لقد كنت أحد طلابه في جامعة الإمام محمد بن سعود خلال العام الدراسي (1396-1397)، حيث كنت أستمع إلى محاضراته في مادة العقيدة، وكان إعجابي بعلمه وفطنته كبيراً.
كان الشيخ نموذجًا يُحتذى به في التعامل مع طلابه، حيث جمع بين الشدة واللين، إذ كان يرأف بطلابه ويحرص على حثهم على التواصل فيما بينهم. أذكر موقفًا حدث معي شخصيًا بعد عطلة عيد الأضحى حيث تأخرت عن الحضور لظروف عائلية. كان الشيخ يسأل عن سبب غيابي واهتم بمعرفة أحوالي، مما يدل على حبه وسعيه لتعزيز الروابط بين الطلاب.
هذا الموقف لا يُظهر فقط حرص الشيخ على طلابه، بل يشير أيضًا إلى الأثر العميق الذي يُحدثه المعلم في حياة طلابه، فهو ليس مجرد ناقل للمعلومات، بل هو قدوة يُغرس في نفوس طلابه قيم التعاون والمودة.
إن هذه الكلمة هي تعبير عن الوفاء واعتراف بدور هذا العالم الجليل في المجتمعات الإسلامية، والرحمة والمغفرة لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ.