إنجاز نهاية الأمية في السعودية
مع اقتراب احتفالات اليوم الوطني، يبرز إنجاز تاريخي يستحق التقدير، وهو إقتراب المملكة العربية السعودية من الإعلان الرسمي عن انتهاء ظاهرة الأمية، التي ستصبح مجرد ذكرى في صفحات التاريخ. وزارة التعليم تقارب على إغلاق برامج تعليم الكبار والفصول المسائية، بعد أن تضاءلت الحاجة إليها بفضل التحسين الملحوظ في مستويات التعليم. اليوم، أصبح الحد الأدنى من مؤهلات المواطنين السعوديين هو الحصول على شهادة الثانوية العامة، وهو ما يعد ثمرة جهود سنوات عديدة من السياسات التعليمية الطموحة التي عملت على محو الأمية.
التحول نحو التعليم الحديث
يتضح من خلال هذا التحول كيف تمكنت المملكة من إحراز قفزات نوعية منذ بداية القرن الرابع عشر الهجري، حيث كان الوضع في ذلك الوقت مختلفًا تماماً. في عام 1330هـ، كانت الجزيرة العربية تعاني من الجهل والفقر، بينما كانت أوروبا تشهد إنجازات صناعية كبيرة. في تلك الأثناء، كان الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن – رحمه الله – يبذل جهودًا كبيرة من أجل توحيد البلاد وبناء دولة حديثة تضع التعليم في صميم رؤيتهاالنهوض.
لم يكن الفقر والجهل حالة دائمة، بل تحديات استطاع السعوديون التغلب عليها من خلال رؤية واستراتيجية حكومية قوية. لقد تركت الدولة العثمانية إرثًا من التهميش، لكن جهود الملك عبدالعزيز وأبنائه أدت إلى تغيير ذلك، بدءًا من تأسيس المدارس وانتهاءً بإنشاء الجامعات والمعاهد. وهكذا، أصبحت المملكة مركزًا جاذبًا للعلم والمعرفة، وليس فقط للفقر والجهل.
وبفضل هذه التحولات، تخلصت السعودية من الأمية، وأصبح كل مواطن فيها قادرًا على القراءة والكتابة. ولم يعد التعليم مجرد خيار، بل أصبح ضرورة، مما جعل البلاد مركزًا محوريًا للشركات العالمية ومقصدًا لملايين المقيمين الباحثين عن فرص للعيش الكريم. هذه التحولات جعلت المملكة عضوًا فعالًا في مجموعة العشرين، واكتسبت دورًا بارزًا في الاقتصاد العالمي.
يستحق هذا الإنجاز الاحتفال به على نطاق واسع. كما نحتفل باليوم الوطني كرمز للوحدة والسيادة، ينبغي أن يصبح القضاء على الأمية مناسبة وطنية بحد ذاته، نظراً لأهميته في بناء الدولة الحديثة. الحفاظ على هذا الإنجاز مهمة وطنية، والتحدي القادم هو مواجهة الأمية الرقمية، وإعداد أجيال قادرة على التفاعل مع التقنيات الحديثة.
تتحمل وزارة التعليم والجامعات مسؤولية كبيرة في التصدي لهذه التحديات، من خلال تطوير برامج تعليمية متقدمة تهدف إلى تقليل الفجوة الرقمية والمعرفية. ببقاء المملكة وفية للنهج الذي وضعه مؤسسها، يمكنها مواجهة التحديات المستقبلية، ناهضةً بعلم ومعرفة في سبيل تحقيق الرخاء.
وداع الأمية ليس نهاية، بل بداية جديدة لسرد قصة وطن عظيم، عُنوانها أن السعودية لا تعرف المستحيل.
تعليقات