تأثير الشاشات على العلاقات الاجتماعية ليلاً
منذ أن استحوذت شاشات الهواتف على ليلة النجوم، تغيرت معالم الليل الذي كان واحة للهدوء والتأمل. فقد أصبح الوقت ليلاً مكاناً مفعماً بالأحاديث المتقطعة والإشعارات اللامتناهية، بالإضافة إلى كونه ساحة لمنافسات (السوشال ميديا). لم يعد الليل مكاناً يحتفظ بأسرار النوم؛ بل تحول إلى ماراثون للسهر والتحديق في شاشات الهواتف حتى الساعات المتأخرة.
العلاقات المضطربة مع التكنولوجيا
تظهر دراسة حديثة من جامعة بورتسموث البريطانية أن الذين يفضلون السهر هم الأكثر تعرضاً لعلاقات مضطربة مع هواتفهم الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي. تتجلى هذه العلاقة غير السوية من خلال الشعور بالقلق عند الابتعاد عن الهاتف، وكثير من المسؤوليات اليومية التي تُهمل لصالح الأنشطة الرقمية، بالإضافة إلى التحقق المستمر من الإشعارات. تميز الدراسة أيضاً بين إدمان الهواتف الذي يُعبر عن التعلق بالجهاز نفسه واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مفرط وغير منظم يؤثر في الحياة اليومية.
لكن المسألة ليست محصورة في وقت الجلوس أمام الشاشة فقط، إذ تبين أن الوحدة والقلق يلعبان دوراً مهماً في تعزيز هذه السلوكيات. وبالنسبة للشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و25 عاماً، يُستخدم الهاتف كوسيلة لتجنب مشاعرهم. والغريب أن هذا “الحل” يزيد من ضغوطهم ويعمق شعورهم بالعزلة.
تصف الباحثة الدكتورة آنا ستينا والينهيمو هذه الظاهرة بأنها “حلقة مفرغة”، حيث أن الشباب الذين يسهرون ليلاً غالباً ما يشعرون بعدم الانتماء الاجتماعي، مما يزيد من ميلهم للاعتماد على الشاشات. ومن المفارقات أنه على الرغم من توجههم نحو هذه الأجهزة، فإنها لا تقدم لهم الدعم المناسب بل تزيد من مشاعر الوحدة. ومع ارتفاع مستويات القلق والاكتئاب بين الشباب على مستوى العالم، هناك تحذيرات من تجاهل هذا الوضع النفسي الخطير.
تشير الرسالة المستخلصة من الدراسة إلى أهمية عدم الاكتفاء بنقاش “تقليل وقت الشاشة” كحلٍ، بل يتطلب الأمر تطوير استراتيجيات وقائية تهدف إلى تعزيز الصحة النفسية والعاطفية، خاصة لمن يقضون الليل أمام الشاشات. ومن الأسئلة التي يجب على كل من يعيش هذه التجربة طرحها قبل منتصف الليل: “هل يجب إطفاء الأضواء من أجل الحصول على يوم أقل قلقًا غدًا؟”
أخبار ذات صلة

تعليقات