المملكة تحتفل بانتصارها الحضاري: عايض بن خالد المطيري يكشف التفاصيل

انتهاء الأمية في المملكة العربية السعودية

في ظل احتفالات اليوم الوطني، تحتفي المملكة العربية السعودية بإنجاز تاريخي يتمثل في إنهاء حقبة الأمية، ليصبح هذا النصر جلياً في أرجاء البلاد. تشير الأنباء من وزارة التعليم إلى قرب إغلاق برامج تعليم الكبار والفصول المسائية بسبب تراجع الحاجة إليها، حيث أصبح الحصول على شهادة الثانوية العامة شرطاً أساسياً للمواطن. هذا الإنجاز الوطني هو نتيجة لجهود متواصلة طيلة عقود من الزمن لمكافحة الأمية، وهو تحول يُظهر القفزات الهائلة التي شهدتها الجزيرة العربية من بدايات القرن الرابع عشر الهجري، حيث كانت تعاني من الفقر والجهل في وقت كانت فيه دول أوروبا تتقدم في مجالات الصناعة والنقل.

محو الجهل

في تلك الفترة، انشغل الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن، رحمه الله، بتأسيس دولة حديثة، حيث وضع التعليم في صميم رؤيته. لم يكن الجهل والفقر مقدراً سلبياً دائماً، بل كانا مرحلة تم تجاوزها بفضل الإرادة السياسية القوية والرؤية الواضحة. فقد خلفت الدولة العثمانية إرثاً من التهميش، مما أعاق جهود التعليم والتنمية. وعندما جاء الملك عبدالعزيز، بدأ العمل على إنشاء المؤسسات التعليمية ونشر المعرفة، من خلال تأسيس المدارس والمعاهد والجامعات.
اليوم، لا يوجد في المملكة مواطن لا يستطيع القراءة والكتابة، فقد أصبحت الأمية قصة تُروى للأجيال القادمة، تذكيراً بما حققته البلاد. في المقابل، تزدهر البلاد كمركز جذب لمئات الشركات العالمية، ويعيش فيها نسبة كبيرة من المقيمين الذين يبحثون عن فرص للعمل والعيش الكريم.

إن هذا الإنجاز يستحق احتفالاً رسمياً يتماشى مع الاحتفالات باليوم الوطني، فكما نحتفل بوحدة الأرض وسيادتها، ينبغي أن يكون إعلان انتهاء الأمية مناسبة وطنية كذلك. فالقضاء على الجهل يشكل دعامة أساسية لبناء الدولة الحديثة. التحدي اليوم هو مواجهة أمية العصر الرقمي، وإعداد الأجيال لتكون قادرة على التكيف مع التطورات التكنولوجية الحديثة.

يجب أن تحمل وزارة التعليم والجامعات ومراكز البحث راية مشروع وطني يتجاوز محو الأمية التقليدية ليشمل معالجة الفجوة الرقمية. فالسعودية التي حققت انتصارها على الجهل والفقر قادرة على مواجهة تحديات المستقبل. ينبغي أن تستمر في اتباع النهج الذي أسسه المؤسس، حيث رفع الملك عبدالعزيز راية التعليم، ويمضي أبناؤه في رفع راية المعرفة الرقمية والبحث العلمي. إن وداع الأمية ليس إلا بداية فصل جديد في قصة وطن لا يعرف المستحيل.