تحقيق رؤية 2030 في المملكة العربية السعودية
بين اليوم الوطني في 23 أيلول/سبتمبر 2024 واليوم الوطني في 23 أيلول 2025، أثبتت المملكة العربية السعودية أن “رؤية 2030” أصبحت واقعاً ملموساً تدعمه الأرقام والحقائق. شهدت الأشهر الاثني عشر الماضية تقدماً ملحوظاً في مختلف المؤشرات الأساسية، فقد حقق الاقتصاد مستويات غير مسبوقة من التقدم، وتم إنجاز الكثير من أهداف الرؤية قبل المواعيد المقررة لها. المقارنات مع عام 2016، الذي شهد بدء هذه الرؤية، تسلط الضوء على عمق التحول الهيكلي الذي شهدته البلاد.
في إطار الاقتصاد الكلي، نمى الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 1.3% في عام 2024، بدفع من نمو غير نفطي بلغ 4.3%. وبحلول سبتمبر 2025، ارتفعت مساهمة الأنشطة غير النفطية إلى 56% من الناتج المحلي، مما يعكس تقدماً كبيراً مقارنةً بأقل من 40% في عام 2016. هذه التطورات تعكس نجاح استراتيجية التنويع الاقتصادي، حيث أصبحت الصناعات التحويلية والتعدين والسياحة والخدمات المالية محركات نمو متعددة بجانب النفط.
تنوع اقتصادي ونجاح في التجارة
في جانب التجارة، بلغت قيمة الصادرات غير النفطية في عام 2024 نحو 515 مليار ريال (حوالي 137.3 مليار دولار)، مما يشكل 25.2% من الناتج غير النفطي. في المقابل، كان هذا الرقم أقل من 200 مليار ريال (53.3 مليار دولار) في عام 2016، كما ارتفعت تقديرات الموارد المعدنية غير المستغلة إلى 2.5 تريليون دولار، مما يعزز مكانة المملكة ضمن سلاسل المعادن العالمية.
شهد الاستثمار أيضاً توسعاً ملحوظاً حيث ارتفع رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 977 مليار ريال (152 مليار دولار) في عام 2024، مع جذب المملكة لـ 660 مقراً إقليمياً لشركات عالمية بحلول عام 2025، وهو ما يتجاوز المستهدف في عام 2030. ومن جهة أخرى، تضاعفت أصول صندوق الاستثمارات العامة من حوالي 570 مليار ريال (152 مليار دولار) في عام 2016 إلى 3.53 تريليونات ريال (941.3 مليار دولار) بحلول نهاية 2024.
تُظهر السياحة بوضوح تحولها إلى قطاع واقتصادي رئيسي، فقد استقبلت المملكة 116 مليون زائر في عام 2024، وكان إنفاق الوافدين 168.5 مليار ريال (44.9 مليار دولار). هذه الأرقام تشير بالفعل إلى نجاح السياحة كأحد أعمدة التنويع الاقتصادي وأداة فعالة لتوليد الفرص الوظيفية.
أما في سوق العمل، فقد حقق معدل البطالة انخفاضاً ملحوظاً، من 12.3% في عام 2016 إلى 6.3% في الفصل الأول من عام 2025. كما ارتفعت مشاركة المرأة في سوق العمل من أقل من 20% إلى 36.3%، متجاوزةً مستهدف 2030.
التحولات في قطاع الإسكان كانت أيضاً واضحة، إذ ارتفعت نسبة التملك إلى 65.4% في عام 2024. وبفضل التحسينات في الإدارة والحوكمة، قفزت المملكة إلى مراتب متقدمة في مؤشرات الحكومة الإلكترونية.
تشير الأرقام إلى ما تحقق في السنوات الماضية: اقتصاد أكثر تنوعاً، وقاعدة استثمارية أعمق، وسوق عمل أكثر شمولية، مما يجعل من “رؤية 2030” قصة نجاح يتعين الاحتفاء بها. إن عام 2025 يحمل في طياته ملامح جديدة تتجاوز مجرد تحقيق الأهداف، لتتحول الرؤية إلى نموذج يحتذى به.

تعليقات