95 عامًا من تطوير المناهج: التعليم كوسيلة لصناعة الإنسان

التعليم السعودي: رحلة التحول والإنجاز

على مدى خمسةٍ وتسعين عامًا، شهد التعليم السعودي تحولات تاريخية وإنجازات علمية جعلته إحدى أبرز ركائز التنمية في المملكة. بدايته كانت من الكتاتيب التي علمت الطلاب القراءة والكتابة والقرآن الكريم، حتى تطور ليصبح مجموعة من الجامعات العالمية والمراكز البحثية المتقدمة، حيث تُروى قصة نجاح استثنائية تستحق التوثيق والإشادة.

مسيرة التعليم في المملكة

عندما وحد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- المملكة، كان التعليم حينها يقتصر على الكتاتيب وبعض المدارس الأهلية. ومع ذلك، أدرك المؤسس أن النهضة الحقيقية تبدأ من بناء الإنسان، ليؤسس أول مديرية للمعارف عام 1926م، وبهذا وضعت اللبنة الأولى للصرح التعليمي النظامي. مع مرور الوقت، توسعت المدارس النظامية وزاد الاقبال على التعليم حتى أصبحت المملكة تمتلك شبكة تعليمية متكاملة تشمل جميع المراحل الدراسية، مع مناهج حديثة تجمع بين الأصالة والمعاصرة.

خلال ستينيات القرن الماضي، انتقل التعليم السعودي إلى مرحلة نوعية جديدة مع تأسيس جامعة الملك سعود بالرياض عام 1957م كأول جامعة سعودية، تلتها جامعات أخرى مثل جامعة الملك عبدالعزيز وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، مدشنةً نواةً لنهضة أكاديمية واسعة. مع اتساع رقعة البلاد وازدياد الحاجة إلى الكوادر الوطنية، اتجهت الدولة إلى افتتاح جامعات في مختلف المناطق، ليصل عدد الجامعات الحكومية اليوم إلى أكثر من 30 جامعة، إضافة إلى الجامعات والكليات الأهلية التي تساهم في تنويع التخصصات وتلبية احتياجات سوق العمل.

تُعدّ محطة برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، الذي انطلق عام 2005م، إحدى أبرز محطات التعليم، حيث أتاح آلاف الفرص للطلاب للدراسة في أرقى الجامعات العالمية، وأسهم في إنشاء جيل من الكفاءات الوطنية المتخصصة في مجالات متعددة. ولم يقتصر الاهتمام على التعليم العالي فقط، بل شمل التعليم العام الذي حظي بدعم كبير من الدولة، مع إطلاق مبادرات لدمج التقنية في العملية التعليمية مثل “منصة مدرستي” التي أثبتت فعاليتها خلال جائحة كورونا.

واليوم، وبعد 95 عامًا من الانطلاقة، يحتل التعليم السعودي مكانة بارزة في التصنيفات العالمية. فقد دخلت جامعات سعودية مراتب متقدمة في تصنيفات مثل شنغهاي وQS وTimes Higher Education. كما حقق الطلاب إنجازات ملحوظة في المحافل العلمية العالمية، حيث حصلوا على ميداليات ذهبية وفضية وبرونزية في مسابقات الأولمبياد الدولي في مجالات متنوعة، مما عزز مكانة المملكة على خريطة الابتكار العلمي.

ومع رؤية المملكة 2030، أصبح التعليم محورًا رئيسًا في خطط التنمية والتحول الوطني، مع تضمين الرؤية العديد من المبادرات مثل تطوير المناهج وتعزيز التعليم الرقمي. وقد أسست الجامعات مراكز بحثية متقدمة وأطلقت مبادرات لدعم الطلاب المبتكرين. ورغم هذه الإنجازات، فإن التعليم السعودي يواجه تحديات تتعلق بمواكبة التغيرات في سوق العمل، مع ضرورة التركيز على الإبداع والابتكار وتأهيل المعلمين بأحدث الأساليب التربوية.