التوسع السعودي على الساحة الآسيوية
تشير الزيارات المزدوجة لكل من وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح إلى اليابان ووزير الصناعة بندر الخريّف إلى الصين، إلى ارتفاع نشاط السعودية تجاه تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع قارة آسيا. تأتي هذه الخطوات في إطار استراتيجية تهدف إلى تحقيق “التكامل الاستراتيجي” مع طوكيو و”التكامل الصناعي” مع بكين، وفق ما أفاد الوزيران. منذ إطلاق “رؤية 2030″، تسعى المملكة لإعادة صياغة علاقاتها الخارجية على أسس جديدة تعتمد على المصالح المشتركة، مما أدى إلى تعزيز التعاون التجاري مع الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، وكذلك توسيع الشراكات الاقتصادية مع الصين، التي أصبحت اليوم الشريك التجاري الأبرز للمملكة.
تحسين العلاقات الاقتصادية مع اليابان
خلال زيارة وزير الاستثمار خالد الفالح إلى طوكيو، طُرح ملف الطاقة كعنصر جوهري في العلاقات بين البلدين، حيث يعتمد الاقتصاد الياباني على النفط السعودي منذ عقود. وقد أُطلق الزخم الحقيقي للتعاون بين اليابان والسعودية بعد توقيع اتفاقية مشتركة في عام 2017، عقب زيارة ولي العهد السعودي لليابان. تسعى السعودية الآن للتوسع في مجالات الطاقة النظيفة، حيث تم توقيع 30 مذكرة تفاهم جديدة خلال منتدى الاستثمار السعودي الياباني في عام 2022، والذي يهدف إلى تعزيز الشراكه في الطاقة المستدامة.
أكد الفالح على أهمية الحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري، مشيرًا إلى أن رؤية المملكة تشمل مزدوجة لتوليد نصف احتياجاتها من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول المستقبل القريب. تم خلال المنتدى إطلاق منصة تهدف لتعزيز الاستثمارات اليابانية ودعم المشاريع الكبرى.
من جهة أخرى، أظهرت المؤسسات المالية اليابانية اهتماماً بالتعاون مع المملكة، حيث أطلقت حزمة تمويلية ضخمة لدعم استثمارات “بلاك روك” في مشاريع الطاقة، مشددة على فرص التمويل المتاحة أمام المستثمرين اليابانيين.
شراكات استراتيجية مع الصين
في بكين، وقّع الخريّف 42 اتفاقية إطارية مع الشركات الصينية بقيمة استثمارية إجمالية بلغت 1.74 مليار دولار، شملت مجالات متنوعة مثل المعدات الطبية والتكنولوجيا الذكية. يهدف هذا التعاون إلى تعزيز الشراكات الصناعية وتوسيع نطاق الاستثمارات بين البلدين، حيث تركز السعودية على المجالات المرتبطة بالتعدين والتكنولوجيا والخدمات المالية.
السعودية تستهدف أن يمتد التعاون ليشمل مجالات حديثة مثل الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي. وتشير التوقعات إلى وجود أكثر من 750 شركة صينية عاملة في السوق السعودية، مما يعزز التعاون في مشاريع البنية التحتية الكبرى مثل مدينة نيوم.
وفي هذا السياق، يعتبر الخبراء أن هذه الفترة تمثل “العصر الذهبي” للعلاقات السعودية مع الصين، نظرًا للروابط التجارية القوية وموقع الصين كأكبر مستورد للنفط السعودي. هذه الشراكات تسهم في تحقيق التنوع الاقتصادي وتعزيز موقع المملكة على الخارطة الاقتصادية العالمية.

تعليقات