مؤشرات اتفاق وشيك بين سوريا وإسرائيل: تطورات جديدة في المشهد السياسي

عودة سوريا إلى الساحة الدولية

تشكل زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى الولايات المتحدة للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة نقطة تحول مهمة، إذ تعكس عودة سوريا إلى قلب المشهد الدولي بعد سنوات من الصراع والعزلة. فالشرع، الذي أصبح شخصية مؤثرة في الداخل والخارج، يعرف أن هذه الزيارة تحمل في طياتها رسائل متعددة، حيث تظهر أن دمشق لم تعد مقيدة بماضيها وإنما تسعى للانخراط في ترتيبات دولية تعكس واقعاً سياسياً جديداً.

خطوة نحو التغيير في العلاقات الدولية

من بين القضايا المطروحة، هناك حديث متزايد عن اتفاق أمني محتمل بين سوريا وإسرائيل برعاية أمريكية، وهو ما قد يحدث تحولاً كبيراً في المنطقة ويعيد ترتيب الأولويات الإقليمية. الرئيس الأمريكي دونالد ترمب يرى في هذه الزيارة فرصة لتحقيق إنجاز سياسي يعزز صورته كصانع للسلام في منطقة شهدت فشلاً في العديد من المبادرات السابقة. وبالتالي، قد يكون هذا الاتفاق المحتمل بمثابة مكافأة لترمب يمكنه من الادعاء بأنه حقق ما لم ينجح فيه أسلافه.

في الجانب الإسرائيلي، يتم التعامل مع هذا الملف من منطلق أمني بحت، حيث تسعى تل أبيب لضمان حدود آمنة مع سورية، متطلعةً نحو ترتيبات أمنية تحيد أي تهديدات مستقبلية، سواء من داخل سوريا أو من خلال جماعات إقليمية أخرى. من ناحية أخرى، تأمل دمشق أن يؤدي اعتراف الولايات المتحدة وباقي الدول بشرعيتها على هذا المسار إلى إحياء موقفها في الساحة الدولية ودعم اقتصادها من جديد.

على الرغم من أن معظم الشعب السوري يرفض التطبيع مع إسرائيل ويطالب باستعادة الجولان المحتل، إلا أنه يدرك تماماً أن البلاد تعاني من أزمات اقتصادية واجتماعية وعسكرية. في ظل هذه الظروف، ومع عدم استعدادها لخوض حرب مكلفة، قد يصبح الخيار الذي يرمي إلى ابرام اتفاق أمني هو الأقل سوءاً بالنسبة للوضع الحالي.

وبالتالي، يمكن اعتبار زيارة الشرع إلى نيويورك بمثابة نقطة انطلاق جديدة لسوريا، حيث تنتقل من كونها دولة محاصرة إلى قوة فعالة في المعادلات الإقليمية. إذا تحقق الاتفاق الأمني مع إسرائيل، فلن يكون العالم أمام اختراق في ملف حساس فحسب، بل سيكون بداية لإعادة تشكيل الخريطة السياسية للشرق الأوسط، مما قد يسهم في إنهاء صراعات دامت لعقود ويعيد تعريف مفهوم الأمن الإقليمي وفق أسس جديدة.