إدارة المخاطر الاقتصادية في السعودية
أشار الدكتور بندر الجعيد، الكاتب الاقتصادي، إلى أن المملكة العربية السعودية قد تمكنت من اعتماد مجموعة متنوعة من الأدوات الفعالة لإدارة المخاطر الاقتصادية، مما ساهم في تعزيز قوة الاقتصاد الوطني وقدرته على مواجهة التحديات المتغيرة.
استراتيجية مواجهة التحديات الاقتصادية
وأوضح الجعيد خلال مداخلة له عبر قناة الإخبارية أن من أبرز هذه الأدوات تأتي من مرونة تعديل المبادرات وتحديد أولويات واضحة، ومن ثم إعادة ترتيبها بما يتوافق مع حجم المخاطر والفرص المتاحة.
وأكد أن هذه المرونة ليست وليدة الصدفة، بل نتاج تخطيط استراتيجي مصاحب لإطلاق رؤية المملكة 2030، والتي تهدف إلى إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني على أسس أكثر تنوعًا واستدامة.
وبيّن أن المرحلة الأولى من هذا التحول تتمثل في تجهيز بيئة استثمارية حديثة تستوعب المشاريع الكبيرة وتفتح المجال أمام الاستثمارات المحلية والأجنبية، بما يتماشى مع متطلبات الاقتصاد العالمي.
وأضاف أن المملكة قد عملت على تقليل اعتمادها على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات، مما يعد خطوة جريئة لحماية الاقتصاد من تقلبات أسعار الطاقة العالمية.
كما أوضح أن التوجه نحو قطاعات واعدة مثل السياحة والخدمات اللوجستية والنقل يعكس قدرة المملكة على استحداث مصادر بديلة للدخل وتوفير فرص عمل نوعية للمواطنين.
وأشار إلى أن قطاع النقل والخدمات اللوجستية حظي بعناية خاصة في الاستراتيجية الوطنية، نظرًا لدوره المحوري في جعل المملكة مركزًا عالميًا للربط بين القارات.
وفي السياق ذاته، أكد أن قطاع السياحة أصبح اليوم أحد أعمدة التنويع الاقتصادي، من خلال مشاريع ضخمة مثل العلا والبحر الأحمر والقدية، التي تجذب الاستثمارات والزوار على حد سواء.
ولفت الجعيد إلى أن هذه الأدوات تُشَكِّل استجابة فعّالة للمخاطر التي واجهتها المملكة، سواء على صعيد الأسواق العالمية أو الأزمات الاقتصادية الأخيرة.
وبيّن أن القرارات السعودية أظهرت مستوى عالٍ من الحكمة، حيث تمت موازنة سرعة التنفيذ مع المحافظة على جودة النتائج، مما يعزز ثقة المستثمرين ويزيد من جاذبية السوق المحلية.
وأضاف أن نجاح المملكة في هذا المسار لم يكن ممكنًا دون وجود جهاز حكومي مرن ومؤسسات قادرة على التكيف مع المتغيرات الإقليمية والدولية.
وأكد أن هذه المرونة ساعدت المملكة في مواجهة جائحة كورونا وتأثيراتها الاقتصادية، حيث أعادت ترتيب أولوياتها بسرعة وفعالية لتقليل الخسائر ودعم القطاعات الحيوية.
وأوضح أن تجربة المملكة تقدم نموذجًا متكاملاً لإدارة المخاطر، يعتمد على الاستباقية بدلاً من رد الفعل، وعلى التنوع بدلاً من الاعتماد على مصدر واحد.
ولفت إلى أن نجاح هذه التجربة يتماشى مع رؤية 2030 التي جعلت الاستدامة أساسًا لمبادراتها ومشاريعها التنموية.
وبيّن أن تنويع الأنشطة الاقتصادية وتوسيع قاعدة الاستثمار يعزز من قدرة المملكة على مواجهة الأزمات المالية العالمية ويقلل من المخاطر المرتبطة بتقلبات الأسواق.
وأضاف أن هذه السياسات مكَّنت المملكة من الحفاظ على تصنيفاتها الائتمانية العالمية عند مستويات مرتفعة، مما يعكس الثقة الدولية في متانة الاقتصاد.
وشدد الجعيد على أن استمرار المملكة في هذا النهج سيعزز قدرتها على التكيف مع المتغيرات المستقبلية ويضعها في موقع ريادي بين الاقتصادات الناشئة.
واختتم حديثه بالتأكيد على أن أدوات إدارة المخاطر المعتمدة في المملكة تشكل أحد أسرار نجاحها في تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية الاستقرار المالي.
تعليقات