كلمات الملك عبدالعزيز: تجسيد لقيم العزوة والجود في التراث السعودي

مشروع التوحيد وبناء العقول في المملكة

كشفت دارة الملك عبدالعزيز عن بعد مهم في الإرث الفكري والقيادي للملك المؤسس، حيث أشارت إلى أن مشروع التوحيد الذي أسس به دعائم الدولة السعودية الحديثة لم يكن مقتصرًا على توحيد الأرض والسيادة، بل امتد ليشمل بناء العقول وترسيخ العلم كقاعدة للتنمية والنهوض. لقد أدرك الملك عبدالعزيز منذ وقت مبكر أن النهضة الحقيقية لا يمكن أن تقوم إلا على العلم والعمل، وأن المستقبل يبنيه جيل واعٍ يتحمل مسؤولية البناء.

أسس النهضة العلمية والاجتماعية

في عام 1350هـ/‏1931م، وخلال حفل تخرج طلاب المعهد العلمي السعودي، ألقى الملك عبدالعزيز كلمات خالدة ما زالت حاضرة في الذاكرة الوطنية. وقال في خطابه للطلاب: «أيها الأبناء، إنكم أول ثمرة غرستها يدنا، فاعلموا أن ما نتوقعه فيكم من علم، وأن العلم عمل كبير، فلا ندري من الله كما ندري عوناً مستمراً، وليس من يعلمكم لا يعلم، قليل من العلم يبارك فيه، وخير من كثير لا يبارك فيه، والعبرة في العمل». تلك الكلمات تعكس عزم المؤسس على أهمية التعلم والعمل كعنصرين أساسيين في بناء المجتمع.

أضافت دارة الملك عبدالعزيز أن كلمات المؤسس لم تقتصر على الحث على التعلم، بل كانت تربط بين العلم والهوية العربية والإسلامية، إذ أكد على أن الدين واللغة هما عماد الانتماء وركيزة القوة. وقال: «دينكم محفوظ الكتاب، الله جل وعلا، محمد صلى الله عليه وسلم، منزل على محمد من السماء، في بلاد العرب، بلسان عربي مبين. فاعلموا قدر ذلك واحفظوا دينكم ولغتكم وأمتكم ووطنكم». هذه الرسالة تحمل في طياتها أهمية الحفاظ على القيم والثوابت الثقافية التي تشكل الهوية الوطنية.

توضح الدارة أن ما تركه الملك المؤسس لم يكن مجرد خطاب عابر، بل هو وصية وطنية لا تزال تردد أصداؤها حتى اليوم، إذ أكد من خلالها أن العلم مسؤولية والعمل عماد، وأن الوطن والدين واللغة يمثلون هوية لا غنى عنها. لقد شكلت هذه الوصية حجر الزاوية في مسيرة المملكة نحو النهضة والتقدم، ورسخت مفهوم أن بناء الإنسان لا يقل أهمية عن بناء الدولة.

ختامًا، أكدت دارة الملك عبدالعزيز على أن كلمات الملك عبدالعزيز أصبحت جزءًا من الذاكرة الوطنية الحية، تتوارثها الأجيال وتستلهم منها دروسًا في العلم والالتزام والعمل من أجل الوطن. لذا، تبقى هذه الوصايا نهجًا مُلهِمًا ومصباحًا يرشد أبناء المملكة في مسيرة التنمية والبناء التي يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان.