مدح النبي صلى الله عليه وسلم
قال الدكتور يسري جبر، أحد علماء الأزهر الشريف، إن الاعتراض على سماع مديح النبي صلى الله عليه وسلم استنادًا إلى قوله: “إذا لقيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب” يحتاج إلى مزيد من التوضيح. فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يقصد بهذا الحديث أولئك الذين يمدحون بعضهم البعض، لأن النفس الأمّارة تميل إلى حب المدح، مما يؤدي إلى تنمية الكبر والغرور. ولهذا نهانا عن مدح من لا يزال يجاهد نفسه ليصل إلى مرتبة النفس اللوامة ثم النفس المطمئنة، حتى لا يؤثر عليه المدح سلبًا.
ثناء النبي
وأوضح جبر، خلال حلقة برنامج “اعرف نبيك” المذاع على قناة الناس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قد امتدح بعض الصحابة عندما ارتقت نفوسهم. فقد مدح سيدنا أبا بكر وسيدنا عمر، فقال إن “ما سلك عمر فجّاً إلا سلك الشيطان فجّاً غيره”، كما مدح سيدنا علي بقوله: “أنا مدينة العلم وعلي بابها”. فالنفوس الراقية التي تسمع المدح تزيد شكرها لله، بينما النفوس التي لم ترتقِ قد تتكبر وتُفتن.
وأضاف أن نفس النبي صلى الله عليه وسلم هي أعظم نفس على الإطلاق، لذا يجوز بل ويُستحب الثناء عليه. فقد كان يحب سماع المدح عن نفسه، حيث كان الصحابي الجليل حسان بن ثابت يقف على منبر النبي داخل مسجده ليمدحه ويدافع عنه، وكان النبي يقول: “اللهم أيده بروح القدس”. وكان النبي يصحح ألفاظ المدح ويوافق عليها، كما حدث مع كعب بن زهير في قصيدته الشهيرة “بانت سعاد”.
وأشار إلى أن القرآن ذاته يحتوي على مديح للنبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال الله: ﴿وإنك لعلى خلق عظيم﴾، و﴿وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين﴾، و﴿من يطع الرسول فقد أطاع الله﴾. لذا مهما مدحنا النبي فلن نفيه حقه، لأن كمالاته لا تنتهي وتجدد في كل لحظة.
واختتم جبر بالقول إن سماع مديح النبي يثير الشوق ويزيد الحب ويدفع الناس لاتباعه. ومن ينكر ذلك فهو جاهل أو متعالم، لأن النبي نفسه أحب سماع المدح وكان يعتز بكونه ذُكِر في الأمة الأخيرة. ولذلك، نستمر في ذكره ومدحه في صلاتنا وتشهدنا.

تعليقات