أرسلت عائلتي إلى الجنوب، لكنني اخترت البقاء في غزة لأودع شوارعها وأرثيها. أجلس في بيت والدي، أتأمل معالم المدينة التي لا تزال صامدة. لا أعرف ما هو مصيري غداً، هل سَيُرغمُني حنيني إلى عائلتي للذهاب جنوباً؟ أم أجد في نفسي الشجاعة للبقاء هنا، حيث يمكن أن تختلط عظامي بتراب غزة ولحمي بأرضها؟
وصف المأساة في غزة
هذه الكلمات جاءت على لسان صديق فلسطيني إلى عميرة هاس، مراسلة صحيفة هآرتس. في رسالته، تعكس مشاعره مدى المأساة التي يعيشها سكان غزة، الذين اضطروا لترك منازلهم وسط هجمات الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة. تتوالى الغارات والقصف الذي يستهدف المدنيين، مما يجعل خيار النزوح محفوفاً بالمخاطر، حيث أنه لا يضمن النجاة. فعلى الرغم من صعوبة النزوح، تتعرض العائلات في طريقها إلى الجنوب لقصف عشوائي يضاعف معاناتهم.
قصة النجاة والهروب
استشهد التقرير بقصة عائلة أخرى كانت في وضع مشابه، حيث واجهت الأم مصاعب جمة في إقناع ابنها بترك ألعابه وكتبه خلفه. استغرق الأمر وقتًا طويلاً لإيجاد وسيلة للنقل، مما عرّضهم لمخاطر إضافية. أثناء فرارهم، كانت أجواء الطريق الساحلي مكرّسة بالخوف والصمت المطبق، انتظاراً لغارة قد تصيبهم في أي لحظة.
وفي حوار آخر مع شابة من عائلة السموني التي تعرضت لمجزرة في 2009، أكدت أن هذه هي المرة السابعة أو الثامنة التي تُهجّر فيها. لا تزال تحمل شظايا من ذلك القصف، لكنها اعتبرت أن تجربة النزوح الحالية هي الأصعب على الإطلاق، مشيرة إلى معاناتها الجسدية والنفسية.
بالإضافة إلى ذلك، روى الشاب عبد الكريم عاشور ما يحدث في غزة، حيث أصبحت الكلمات عاجزة عن وصف المعاناة التي يعيشها الناس. وأشارت هاس إلى أن الغزيين عاشوا مختلف أنواع الخوف تحت الاحتلال، ومع ذلك، فإن الرعب الذي يعيشونه الآن أكبر من أن توصفه الكلمات.
تنتشر قصص مأساوية في كل زاوية من غزة، فكل شخص هنا ناجٍ من قصف وحروب سابقة، حيث تتزايد مشاهد المعاناة بصورة مروعة. اليوم، يتمسّك الغزيون بأمل الرجوع، رغم مشاعر اليأس والخوف المستمر الذي يحيط بهم. هنا غزة، حيث تكتسب المعاناة شكلاً لا يمكن وصفه، وتصرخ حتى أصوات الصمت.
تعليقات