انطلاق جناح «الرياض» في معرض بوينس آيرس الدولي للكتاب 2025 بالأرجنتين

«شاشات الواقع» تكشف آلام حمص وغياب الوطن

تتجلى معاناة الشعب السوري بوضوح خلال مهرجان «شاشات الواقع» في سينما «متروبوليس» في بيروت في دورته العشرين. يُعرض فيه فيلمان يحملان تجارب مؤلمة تتناول الأوجاع: «ذاكرتي مليئة بالأشباح» لأنس الظواهري و«إلى أي تراب أعود» لغنا عبود. يركز الأول على ذكريات الدمار في حمص، حيث يُلاحق الماضي الحاضر، ويبقى المستقبل معلقًا بين الأمل والخراب. بينما يستعرض الثاني معاناة اللاجئين السوريين الذين يحملون موتاهم معهم، محاولين البحث عن مكان يضمهم حتى بعد رحيلهم. كلا الفيلمين يعكسان قسوة الحرب التي تتجاوز معاناة القتال إلى امتحان الكرامة والقدرة على التحمل.

«شاشات الواقع» تعكس الألم والهوية

في فيلم الظواهري، يتجلى صمود المدينة المكلومة. حمص التي كانت تعج بالحياة تظهر بصورة رمادية تعكس آثار الدمار. تتضمن الشهادات من سكانها حكايات مأساة، يخرج الكلام من أعماقهم المكبوتة دون الحاجة لحركات شفاه. تتنافس الأصوات في التعبير عن الآلام، وكل واحدة تؤكد أن جرحها أعمق. كما يعيد الفيلم ذكريات الفقد حيث تُفقد الأرواح وتُدمَّر المنازل، لينتشر الخوف بأشكاله المتعددة.

تشير واحدة من هذه الشهادات إلى جريمة قتل متعلقة بالسرقة، مما يُظهر الوجه الأكثر قسوة للحرب، حيث يتحول الإنسان إلى ذئب يفتك بإنسان آخر. هكذا تُظهر المدينة جانبها المروع، حيث الفوضى تسيطر على كل شيء، حتى داخل البيوت. يُقدم الظواهري صورة مؤلمة لمدينة تُصر على الصمود، مؤكداً أن الشجاعة تتطلب مواجهة حتمية الفقد.

أما فيلم غنا عبود، فيركز على معضلة الكرامة الإنسانية، كيف يُسمح للفرد بدفن أحبائه في أراضٍ ليست لهم؟ عبر شخصية عناد، السوري الستيني في لبنان، نستعرض رحلة البحث المؤلمة عن مكان لدفن الموتى، حيث يُظهر الفيلم كيف يواجه الأب صراعاته اليومية وما بعد الموت. في خلفية الفيلم يُعرض خطر أبناءه في البحر بحثًا عن مستقبل أفضل.

بينما يتابع الفيلم رحلتهم، يُجبر المشاهد على مواجهات وجودية مع ضرورة التعاطف مع اللاجئين الذين يفقدون حتى الحق في دفنهم في وطنهم. في النهاية، تبقى صورة الإنسان مرفوضًا سواء في الحياة أو في الموت، مما يُشغلنا بأسئلة عميقة حول معنى الحياة والكرامة.

تُبرز الأعمال المعروضة الدور المحوري لمهرجان «شاشات الواقع»، الذي يعد منصة مهمة لتسليط الضوء على الظلم ومعاناة الإنسانية في زمن الحرب، والتي تستمر حتى بعد توقف المعارك. يدعو المشاهد إلى التفكير في الآثار الكارثية للحروب على الروح والذاكرة، ويطرح أسئلة عن المعنى الحقيقي للعيش في عالم فقد الكثير من قيمه الإنسانية.