تحالف عربي إسلامي: ردع رباعي لمواجهة غطرسة إسرائيل بعد الصدمة

إعادة تشكيل القوى السياسية في الشرق الأوسط

تعتبر العبارات التي تخبرنا بأن “الخلافات السابقة مع مصر مجرد عتاب محبين” و”الاعتداء على السعودية هو اعتداء على باكستان” عابرة عندما تقرأ، لكنها في العمق تعكس تغييرات جوهرية في خريطة القوى السياسية بالشرق الأوسط. عقب بدء عملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر، أصبحت إسرائيل تتحرك في المنطقة بلا أي حواجز، مما دفع القوى الكبرى للتدخل من خلال تشكيل تحالفات جديدة تهدف إلى التصدي لهذه التحركات الإسرائيلية الفوضوية، والحد من هيمنتها على المنطقة.

تحدي للهيمنة العسكرية

تستعد مصر وتركيا لاستئناف مناوراتهما البحرية المشتركة تحت اسم “بحر الصداقة” بعد انقطاع دام 13 عامًا، حيث انطلقت المناورات لأول مرة في عام 2009 واستمرت حتى عام 2013، قبل أن تتوقف بسبب توترات تتعلق بسقوط حكم الإخوان في مصر. وتأتي هذه المناورات استجابةً لتعزيز التعاون العسكري بين البلدين، خصوصًا بعد زيارة السيسي لتركيا في سبتمبر 2024، مما أعاد الزخم للتعاون العسكري بينهما.

يشدد الباحث في العلوم السياسية أحمد الإمام على أن تلك المناورات تشكل تحديًا لإسرائيل التي اعتمدت على ضعف التنسيق بين الدول الكبرى في المنطقة. ومن جهة أخرى، ترى تل أبيب في هذه الخطوة خطوة غير مريحة تشير إلى ردع استراتيجي، خصوصًا مع التوترات السائدة مع لبنان وسوريا. كما تسعى إسرائيل لتعزيز علاقاتها مع اليونان وقبرص، في محاولة لتعزيز وجودها في شرق البحر المتوسط.

تصريحات وزير الخارجية التركي تعكس تحولًا كبيرًا في العلاقات، حيث أكد أن الخلافات السابقة مجرد اختلافات بين أحباب، مشيرًا إلى التنسيق العميق بين القاهرة وأنقرة في معالجة القضايا الإقليمية. يعكس هذا التعاون خطوات فعلية، من بينها الاجتماع العسكري الرفيع المستوى في مايو الماضي، مما يشكل نقطة انطلاق لمرحلة جديدة في التحالفات العسكرية بالمنطقة.

ومع ظهور تحالف باكستان والسعودية، يتجلى القلق المتزايد بشأن التزام الولايات المتحدة بحماية أمن الخليج، وذلك عقب الهجوم الإسرائيلي على قطر في سبتمبر 2025. وقد تمثل هذه التطورات في تعزيز التعاون العسكري بين الرياض وإسلام آباد تحركًا واضحًا للدفاع عن الأمن الإقليمي. تتعزز هذه الروابط عبر اتفاقية الدفاع الجديدة، والتي تعكس شراكة تاريخية تمتد لثمانين عامًا، مما يعكس سعي البلدين لتأمين مصالحهما المشتركة.

التقارب الإيراني – الخليجي أصبحت له أهمية خاصة، خصوصًا بعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة، مما يوحي برغبة الدول في إدارة تحدياتها الأمنية والاقتصادية بشكل مستقل، مما يسهم في تقليل الاعتماد على القوى الكبرى الخارجية.