تتجه إصدارات البنوك الخليجية من أدوات الدين الدولارية نحو تحقيق مستوى قياسي يتجاوز 60 مليار دولار هذا العام، في ظل النمو القوي للائتمان والتوقعات بتيسير السياسة النقدية، وذلك وفقًا لتقرير حديث من وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني.
ذكر التقرير أن بنوك الخليج تمثل حوالي 30% من إصدارات البنوك في الأسواق الناشئة بالدولار، وترتفع هذه النسبة إلى أكثر من 60% عند استبعاد البنوك الصينية. وقد بلغ إجمالي الإصدارات حتى الآن حوالي 55 مليار دولار، مما يعكس تقدمًا كبيرًا مقارنة مع العام الماضي، الذي سجل فيه إجمالي الإصدارات 36 مليار دولار، ويزيد أيضًا بشكل ملحوظ عن المبلغ المستحق في هذا العام والبالغ 23 مليار دولار.
وكانت البنوك السعودية هي الأكثر نشاطًا بين هذه الإصدارات، حيث سجلت 28.3 مليار دولار، تلتها البنوك الإماراتية بقيمة 11 مليار دولار، ثم البنوك القطرية بـ 8 مليارات دولار، وأخيرًا البنوك الكويتية بـ 7 مليارات دولار. ومن الملاحظ أن الصكوك تمثل حوالي نصف الإصدارات الجديدة، باستثناء شهادات الإيداع.
أما بالنسبة للسبب وراء هذا الارتفاع الملحوظ في الإصدارات، فقد عزت الدراسة ذلك إلى خفض أسعار الفائدة من قِبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، بالإضافة إلى استحقاقات ديون بقيمة 36 مليار دولار، ونمو قوي في الائتمان في كل من السعودية والإمارات، إلى جانب الشح المستمر في السيولة المحلية في السعودية.
نمو في إصدارات الديون
شهدت إصدارات الديون الثانوية زيادة ملحوظة، حيث بلغت 14.5 مليار دولار، وهو ما يتجاوز بكثير إجمالي العام الماضي، وتمثل هذه الإصدارات حوالي 40% من إجمالي الإصدارات غير المتعلقة بشهادات الإيداع. وكانت البنوك السعودية هي الأكثر استحواذًا على هذا السوق بقيمة 11.2 مليار دولار، لتعزيز إقراض المشروعات المرتبطة برؤية 2030 وللتكيف مع التشديد في اللوائح التنظيمية الخاصة برأس المال.
وعادت البنوك السعودية هذا العام مرة أخرى إلى سوق الديون الثانوية المقومة بالدولار بعد غياب منذ عام 2020، حيث شكلت هذه الإصدارات 6 مليارات دولار من إجمالي إصدارات الشريحة الثانية من بنوك الخليج. بينما ركزت البنوك الإماراتية والقطرية على إصدار الديون الممتازة غير المضمونة، مدفوعةً بالحاجة إلى إعادة التمويل وتنويع مصادر التمويل فيما يتعلق بالسندات والصكوك المتوافقة مع معايير البيئة والمجتمع والحوكمة، إضافة إلى النشاط في سوق “فورموزا” التايواني.
تتوقع “فيتش” استمرار النشاط القوي في إصدارات الديون لدى البنوك الإماراتية، مدعومة بجودة السيولة وقوة صافي الأصول الأجنبية. وأشارت الدراسة إلى أن إصدارات شهادات الإيداع قصيرة الأجل شهدت ارتفاعًا ملحوظًا، بفضل الاستفادة من التمويلات الرخيصة المتاحة في المراكز المالية الكبرى مثل نيويورك ولندن وهونغ كونغ وسنغافورة.
الرؤية المستقبلية
تتنبأ “فيتش” بأن يظل نشاط إصدارات سندات الديون قويًا حتى عام 2026، مدعومًا باستحقاقات إضافية بقيمة 36 مليار دولار ونمو مستمر في الائتمان في السعودية والإمارات، مع استمرار الشح في السيولة في السوق السعودية.
وذكرت أن السيولة ستظل تمثل تحديًا ائتمانيًا رئيسيًا للبنوك السعودية في السنة المقبلة، مما سيزيد من اعتمادها على التمويل الخارجي، ومن المحتمل أن يبقى صافي مركز الالتزامات الأجنبية للقطاع المصرفي فوق 3% من إجمالي الأصول، وهو ما قد يؤدي إلى ضغط ائتماني على الرغم من أن التمويل الأجنبي يبقى بنسبة متواضعة تبلغ 11.4% من التزامات القطاع حتى نهاية أغسطس.
كما أشارت الوكالة إلى أن السماح مؤخرًا بطرح الأوراق المالية المدعومة بالرهون العقارية السكنية في السعودية قد يفتح مجالًا جديدًا للتمويل بالعملة المحلية، في ظل حجم محافظ الرهون العقارية الكبيرة لدى البنوك.
تعليقات